فهذا القول من الافتراء المحض الذي لا يسنده دليل من نقل أو عقل، ومنشؤه اعتقاد من يقول بهذا كفر صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا نفراً يسيراً اختلفوا في عددهم، وزوروا لهذا الاعتقاد الباطل الروايات في ذكر مثالب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقول بأنهم ارتدوا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصنفوا في ذلك كتباً ضمنوها أدعية في لعن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك الكتاب الذي يسمونه: (مفتاح الجنان) ، ومن المعلوم أن من بلغ به الأمر هذا الحد فقد أسرف على نفسه وعرضها للهلاك، وأصل غرض هؤلاء هدم بنيان الإسلام من أساسه، وتمزيق وحدة المسلمين بانتشار الفتنة والفرقة والخلاف، والذي أصل هذا المذهب - شاء أتباعه أم أبوا- هو عبد الله بن سبأ، اليهودي الذي أراد هدم الإسلام، كما فعل بولص بن يوشع واسمه الأصلي (شاؤول) بدين النصارى من قبل، ولا أدري عن مدى جدوى الجدل مع من وصل به الأمر إلى هذا الحد، ولكن يقال لهؤلاء: - إن كان يجدي معهم النقاش - ما قولكم في الآيات الأخرى الواردة في بيان فضل صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلو منزلتهم؛ كقوله -تعالى-: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" [الفتح:29] . وقوله -تعالى-: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ