(3) فإن كان القصد من إيراد هذه الشبه إقصاء بني أمية عن شرف الصحبة، فمن الذي يستطيع أن يقصي عثمان - رضي الله عنه -؟ أو ليس دون ذلك خرط القتاد؟
وأما معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - فهل كان يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهما حين أمّر عَمْراً على جيش ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما-[البخاري (3662) ومسلم (2384) ] ؟ أو ليس هو ممن أسلم طوعاً وهاجر قبل الفتح؟ فماذا يريد من ذلك؟
ومثله معاوية - رضي الله عنه - كيف ائتمنه النبي - صلى الله عليه وسلم - على كتابة الوحي إن لم يكن عدلاً؟ وكيف وثق به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وولاه إمرة جيش الشام مع ما عرف من شدة عمر - رضي الله عنه - في الولاية حتى إنه عزل عنها سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -؟ وكيف سكت باقي الصحابة عن ذلك لو لم يكن عدلاً عندهم؟ وكيف زكاه بعض الصحابة كابن عباس وغيره؟ ولماذا لم يتهمه خصومه كعلي - رضي الله عنه - ومن معه من الصحابة في دينه إذا لم يكن عدلاً؟ وكيف قَبِلَ الحسن بن علي - رضي الله عنهما - بالتنازل عن الخلافة له مع كثرة أتباعه وأعوانه إذا كان مشكوكاً في عدالته؟ وكيف قبل باقي الصحابة ذلك؟
(4) فإن ارتضيت المهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان وبيعة العقبة والذين أسلموا قبل الفتح وأنفقوا وقاتلوا، وظهر لك ما تقدم عن معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما- فمن بقي؟ فليكن السؤال محصوراً إذاً في: هل ثبتت صحبة فلان وفلان؟ ممن يرى مثير الشبهة أنهم خارجون عن الأدلة السابقة.
(5) ليس المراد بعدالة الصحابة - رضي الله عنهم - عصمتهم من الخطأ والنسيان والذنوب والعصيان، فالعصمة لم تثبت لأحد بعد الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام، وإنما المراد بعدالتهم - رضي الله عنهم - براءتهم من النفاق، وصدق محبتهم لله ورسوله، وأنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.