المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
أنا متعبة جداً، كل شيء أعمله لا ينضبط معي، أو يضبط بعد تعب، منذ زمان بعيد أي شيء أريده ينقلب ضدي ويفسد، وليس ذلك في شيء واحد بل في كثير من الأشياء، أنا دائما أصلي، وأدعو، وأسبح، ورغم ذلك لا تضبط الأمور معي، أحياناً أتمنى شيئاً يأخذني ويريحني؛ لأني أتمنى أن أرتاح من كل شيء، حتى أقرب الناس إلي لاحظوا سوء حظي، أود فعل شيء حتى تتيسر أموري، وتسير الأشياء من غير صعوبة، أنصحوني بشيء أعمله مثل قراءة آيات معينة من القرآن أو - أي شيء- أتمنى التوفيق كي تنضبط أموري.
الجواب
أختي الكريمة: سلام من الله عليك ورحمة وبركة، وأمن وأمان، أما بعد:
فإن ما تذكرينه من عدم تحقق مرادك في كثير من الأمور مرده إلى أمور كثيرة، سأسرد عليك شيئا منها من أجل أن تصنفي نفسك، وتعرفي الخلل الموجود في حياتك:
1ـ ليس صحيحا أن نطمع في أن تكون الحياة من حولنا وفق مشتهياتنا نحن، فأنا أريد وأنت تريدين، والله يفعل ما يريد، وعلينا أن نوقن بأن الخير هو ما اختاره الله لنا "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" [التوبة:51] .
2ـ الذنوب والمعاصي هي أعظم ما يصيب الإنسان في حياته، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تدل على أن العبد قد يحرم التوفيق في حياته بسببها، وقد كان السلف الصالح
يخافونها، ويرون أن ما يصيبهم من أمر يكرهونه في أنفسهم، وأهليهم، ودوابهم، وسائر حياتهم هو من ذنوبهم فيستغفرون، والله -تعالى- امتدح أمثالهم فقال -عز وجل-: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:135] .
وقد وعد الله تعالى من يطيعه أن يحيا حياة طيبة "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل 16/97] ، بينما قال لغيرهم: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [سورة طه 20/124] .
3ـ بعض الناس لا يرضيهم أي شيء، ولا ينظرون إلا للنقص، ولا يعرفون سوى نصف الكأس الفارغ، يقول الشاعر:
إن شر النفوس في الناس نفساً تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا
ولذلك فإن الشاعر يقول لنا: كن جميلاً تر الوجود جميلا.
4ـ إن كثيراً من الأمور التي نطلبها ولا تتحقق هي أمور قد تكون ليس من حقنا أن نطلبها، أو أن في منع الله تحقيقها لنا خيراً لنا ولكن لسنا دائما نستطيع أن نصل إلى الحكمة منها، ولك أن تقرئي سورة الكهف ـ قصة الخضر مع موسى، فكيف يقتل طفل لم يبلغ دون جريرة، وحين انكشف الأمر لموسى وهو أن هذا الطفل سيكون بقاؤه وبالاً عليه وعلى والديه أصبح الموت خيراً له ولوالديه، فإنه لن يؤاخذ إذا مات طفلاً، ولن يصيب والديه منه سوء.