المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 21/06/1426هـ
السؤال
أنا شاب مسلم، ابتليت بمصيبة كبيرة جداً، واتهمت في شرفي بتهمة أنا بريء منها، كان عمري حينها 19عاماً، وأعتبر نفسي مسؤولاً مسؤولية كبيرة عمّا حصل لي، فلقلة خبرتي -آنذاك- اعتقدت أن الأمر لن يكون بهذه الخطورة، حيث كنت أعرف أن أشخاصاً معينين يثيرون الشائعات حولي، لكنني تجاهلتهم، والآن عمري 23 سنة، وقد انطويت على نفسي انطواءً شديداً، إلى درجة أنني ما عدت أرغب في الخروج من المنزل إلا لحاجة أو ضرورة، مما زاد الطين بلة وأثار الشبهة والشكوك حولي، فهل انتقامي لشرفي من أولئك الأشخاص مباح شرعاً؟ وهل قتلهم -دفاعاً عن شرفي -ليس مخالفاً للدين؟ أريد نصحكم ومشورتكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الجواب
أخي الكريم، لقد تفهَّمتُ ما ذكرته من الشائعة التي أشيعت عنك بالباطل، ولكن دعني أكون صريحاً معك، وأقول: إنك ضخَّمت الأمر أكثر مما ينبغي، وكان عليك أن تكون قوياً أمام هذه الشائعات وألا تؤثر في مستقبلك ولا في نفسيتك وأن تصمد لها.
ألا تتذكر أن نبيك -صلى الله عليه وسلم- اتهم بالسحر واتهم بالكهانة ووصف بالكذب، ومع ذلك كان أقوى من هذه التهم كلها، وتجاوزها صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فإن هناك جزءاً من المشكلة أنت صنعته بتضخيمك لها وتفاعلك السلبي معها، وكنت حساساً أكثر مما ينبغي، وكان عليك تجاوز هذا الأمر.
أما ما ذكرته من أنك أصبحت انطوائياً، وأنك لا ترغب في الخروج من المنزل، فإن هذا نوع من الهروب الذي كان عليك أن تتجاوزه، اخرج إلى الناس، اقتحمهم بشخصيتك ونظراتك، وستجد أنك كنت تعيش في وهم، وأن الناس مشغولون بقضاياهم وهمومهم ومشاكلهم، وليسوا منشغلين بقضيتك ومشكلتك والحديث عنك.
أما ما ذكرت عن هؤلاء الأشخاص، وأنك تريد أن تنتقم لشرفك منهم -ولو بالقتل- فهذا تصرف غير صحيح، وخطيئة كبيرة وجريمة شنيعة ترتكبها، فإنه لا يتولى أحد الانتقام وتطبيق الحدود وتنفيذ العقوبات بنفسه، وإلا لأصبحت الحياة فوضى، وكل يستطيع أن يبطش بغيره، بحجة أنه قد أساء إليه أو ظلمه، أو ارتكب جريمة في حقه.
وصيتي لك تتلخص في التالي:
أولاً: اخرج من عزلتك واقتحم المجتمع، وكن واثقاً من نفسك، ولا تكن ضعيفاً أمام ما تتوهمه من نظرة الناس إليك.
ثانياً: تحرَّر من الأوهام، وإياك أن تحبس نفسك في وهم أن الناس يتحدثون عنك أو يشكُّون فيك أو يحتقرونك، فالناس في شغل شاغل بهمومهم وقضاياهم عن التفكير فيك.