لكن اختلف العلماء في قبول توبة الساحر ظاهراً، أي إذا ادعى التوبة نتركه فلا نقيم عليه حد الساحر أم أنا نقتله وأمره في توبته إلى الله، فإن كان صادقاً غفر الله له، وإن كان كاذباً لم تنفعه توبته لا في الدنيا ولا في الآخرة؟ فالذين قالوا لا تقبل توبته ظاهراً قالوا إن أمره خفي ولا يتبين صدقه في توبته، ومن قال إن توبة الساحر مقبولة يقول: إذا جاءنا تائباً نادماً قبلنا توبته لعموم الأدلة كقوله تعالى:"وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى" [طه: 82] ، وقوله:"إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة" [النساء: 17] فالساحر ليس أسوأ من سائر الكفار كالذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، أو الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات كما في سورة البروج "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق" [البروج: 10] ، وقال تعالى:"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" [المائدة:73-74] والصواب عندي أن قبول توبة الساحر وعدم قبولها يرجع فيه إلى نظر الحاكم، فإذا تبين صدقه في توبته درأ عنه الحد وقبلت توبته، وإن لم يتبين له حكم عليه بما حكم به الصحابة -رضي الله عنهم- كعمر وابنته حفصة وجندب بن عبد الله، فقد صح عنهم جميعاً قتل السحرة، وقد كتب عمر إلى بعض عماله أن اقتلوا كل ساحر وساحرة، وقال جندب بن عبد الله:" حد الساحر ضربه بالسيف" هذا هو التفصيل في حكم توبة الساحر، والله أعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015