فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة مسألة عظيمة وهي مسألة الطرق التي ابتدعها من ابتدعها بواسطة الدعاية له إما من جهة النسب ودعواه أنه يتصل بنسب شريف وإما من جهة ما يدعيه من الكرامات التي اختصه الله بها فيلبس بذلك على عامة الناس ويبتدع في دين الله تعالى ما ليس منه ونحن نذكر جملة عامة أمام الطريقة الرفاعية وغيرها فنقول إن الله تبارك وتعالى جعل المشرعين في دين الله تعالى ما ليس منه جعلهم بمنزلة الأصنام اللاتي تتخذ من دون الله تعالى شركاء فقال (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) واليهود والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله لأنهم تابعوهم في تشريع ما يخالف شريعة الله سبحانه وتعالى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حذر من البدع تحذيراً بالغاً حتى إنه في خطبة الجمعة يحذر منها ويقول (كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وهذه الطرق التي يبتدعها أهلها ليتقربوا بها إلى الله ولم تكن في سنة النبي صلى الله عليه وسلم نقول عنها إنها بدع محرمة وإنها لا تزيدهم من الله إلا بعداً وأن ما يدعّونه من نسب شريف أو من كرامات يختصهم الله بها فإنه لا أساس لها من الصحة ماداموا مخالفين في ذلك لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم فإن الكرامات لا تكون إلا لأولياء الله سبحانه وتعالى وأولياء الله تبارك وتعالى بينهم الله سبحانه في كتابه في قوله (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فنحن نعرض حال هذا الرجل الذي يدعي الكرامات نعرضها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً ومن أعظم التقوى أن يتقي الإنسان البدعة في دين الله أن يشرع في دين الله ما ليس منه فإذا علم أن الرفاعي أو غيرهم من زعماء البدع ابتدعوا طريقة ليس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون عُلم أنها طريقة بدعية ضالة وأنه لا يجوز التمسك بها وأن ما يدّعون من كرامات فليست كرامات في الحقيقة وإنما هي أشياء يموهون بها على العامة يتخذونها بطرق حسية لا بطرق إلهية غيبية ويدّعون أنها الكرامات فالدخول في النار مثلاً هناك أشياء يستعملها الإنسان فيدهن بها ويدخل بها النار ولا يحترق فيأتي هذا الرجل الذي يدعي أنه ولي وأنه يدخل في النار ولا تضره كما دخل إبراهيم عليه الصلاة والسلام النار ألقى فيها ولم تضره يدهن بهذه الأشياء المضادة للاحتراق لكنه لا يدهن بها أمام هذه العوام بل يدهن بها خفية ثم يأتي أمام الناس ويدخل في النار ويزعم أنه ولي لم يحترق بالنار إلى غير ذلك مما يفعله المشعوذون فإذا قال هذا الرجل إن ما حصل من كرامة من الله عز وجل فإنما يجب أن ننظر حاله إن كان مؤمناً تقياً فإن ما ادعاه من الكرامات قد يكون حقاً وإن كان ليس بمؤمن تقي بل هو صاحب بدعة وخرافة وتشريعات لم يأذن به الله عز وجل علمنا أنه كاذب وأنه ليس من أولياء الله بل هو من أبعد الناس عن ولاية الله سبحانه وتعالى هذه جملة عامة أزفها للرفاعية ولغيرهم من أهل البدع وإنني أناشدهم الله عز وجل أن يرجعوا إلى دين النبي صلى الله عليه وسلم وإلى شريعته وأن يعلموا أن دين الله تعالى كامل وأن الله تعالى يقول (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) وليعلم كل مبتدع أنه مع تحريم سلوكه وابتداعه هو متنقص لدين الله عز وجل حيث زعم أن ما ابتدعه مما تدعوا الحاجة إليه في دين الله عز وجل وهذا معناه أن دين الله تعالى ناقص ويكون بهذا مكذباً لقول الله عز وجل (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) فكل ما خالف هذا الدين الذي أكمله الله على يدي رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله لا يرضاه فإن الله يقول (وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً) فقط وقال (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) فكل بدعة فإنها ليست من الإسلام بشيء فأناشد هؤلاء الذين يسلكون هذه الطرق من الرفاعية والقادرية والنقشبندية وغيرهم أناشدهم الله عز وجل أن يرجعوا إلى دين الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يعلموا أنهم ملاقو الله عز وجل ومحاسبهم على ذلك (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) وليتأملوا كثيراً قول الله عز وجل (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) إلى أن قال (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ولو أن المسلمين اجتمعوا على السنة ولم يتفرقوا شيعاً في عقائدهم ومناهجهم وسلوكهم لو أنهم اجتمعوا على ذلك لحصل للأمة الإسلامية من النصر والتأييد والعز والتمكين ما لم يكن كما هم عليه اليوم من الوضع المشين وذلك بسبب بعدهم عن دينهم وتمسكهم به والله أسأل أن يصلح المسلمين وولاة أمورهم وبطانتهم إنه جواد كريم.
فضيلة الشيخ: لكن بالنسبة لرؤية يد الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر هذا الشخص وتُرى مثلاً واضحة أيضاً أمام الحضور هذا أيضاً نريد التعليق عليه؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً نقول إن هذه القصة بل وكل قصة وكل خبر فإنه لا يغني ثبوته إلا إذا وصل إلينا من طريق العدول ثم إذا وصل إلى غاية السند فإننا ننظر أيضاً من هو هذا الرجل الذي تحدث بأنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو مقبول الخبر أو غير مقبول الخبر ثم كذلك أيضا ننظر كيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم أو شيئاً من جسمه عليه الصلاة والسلام هل هو على الوصف المعروف الذي ثبت من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم أو لا لأن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه حقاً ومن رآه حقاً فإنما يكون على حسب ما هو عليه في الحياة الدنيا صلى الله عليه وسلم ثم إن من رأى يداً قيل له أو وقع في نفسه أنها يد الرسول عليه الصلاة والسلام فليس بِمُسلِّم أن تكون هي يد الرسول صلى الله عليه وسلم لأن النبي عليه الصلاة والسلام إذا رئي فإنما يرى على الوصف الذي هو عليه وهذه القصة كما قلت أولاً يشك في خبرها ويشك في المَخْبِر بها ويشك أيضاً فيما رآه فليست بمُسلّمة إطلاقاً.
***