وقال: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (?) والرسول يعلم إرادة الله حيث جاءه الوحي بذلك.
وفي قصة السفينة نسب الأمر إليه {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} (?) هذا والله أعلم لأن الرب سبحانه ينسب إليه الشيء الطيب، والعيب ظاهره ليس من الشيء الطيب، فنسبه إلى نفسه تأدبا مع ربه عز وجل، فقال: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} (?) وهذا عيب يراد منه أن تسلم السفينة حتى لا يأخذها الملك; لأنه كان يأخذ كل سفينة صالحة سليمة فأراد الخضر أن يعيبها لتسلم من هذا الملك إذا رآها معيبة خاربة تسلم من شره وظلمه، فلما كان ظاهر الأمر لا يناسب ولا يليق إضافته لله نسبه لنفسه فقال: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} (?)
وعند ذكر الأبوين المؤمنين قال: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا} (?) كذلك لما كان أمرا طيبا نسبه إلى نفسه؛ لأنه مأمور من جهة الله عز وجل (أردنا) ، وذكر نون الجمع؛ لأنه نبي، والنبي رجل عظيم فناسب أن يقول: (أردنا) ، ولأنه عن أمر الله وعن توجيه الله فناسب أن يقال فيه: (أردنا) ، ولأنه كان عملا طيبا ومناسبا وفيه مصلحة.
ولما كان أمر اليتيمين فيه خير عظيم وصلاح لهما، ومنفعة لهما قال: {فَأَرَادَ رَبُّكَ} (?) فنسب الخير إليه سبحانه وتعالى، وهذا من جنس قول الجن في سورة الجن، حيث قال سبحانه عن الجن: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} (?) [الجن: 10] .
فالشر لم يضيفوه إلى الله سبحانه وتعالى، ولما جاء الرشد قالوا: {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} (?) فنسبوا الرشد إلى الله سبحانه وتعالى; لأن