F عبد المجيد سليم.
رجب 1362 هجرية - 27 يوليو 1943 م
M 1- طاعة الزوجة لزوجها واجبة بل هى أوجب من طاعتها لوالديها كما تدل على ذلك النصوص الشرعية.
2- إذا أمر الزوج زوجته بما نهى الله عنه فلا تجب عليها طاعته لأنه لا يغنى عنها من الله شيئا وعليها أن تتحمل أذاه وتصبر على ذلك فى سبيل رضاء الله حتى يعود إلى ما أمر به الله سبحانه وتعالى
Q من ز م إ قالت السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد سأشرح لكم قصتى بالتفصيل وأرجو هدايتى إلى الطريق المستقيم ولدت فى بيت دينى وكان أبى أحد رجال الدين البارزين وكان جدى أكبر رجل دينى فى مصر وتوفيا قبل أن أبلغ مبلغ النساء.
كنت أعيش مع والدتى وأخوتى وتبعا للظروف كنت ألبس الملابس القصيرة وكنت أخرج بالكم النصفى ومن غير جورب وكنت أضع على وجهى بعض الأحمر الخفيف ومع ذلك كنت أؤدى فروض الصلاة وكنت أخرج دائما مع أخى ووالدتى وأعجب ابن خالتى بى فتزوجنى لحسن أخلاقى وكان فرحا بى معجبا يمدحنى فى كل وقت لما أنا عليه من جمال الخلق والخلق ولكنه كان ينصحنى بلبس الجورب والكم والطويل لكى أستر ما أمرنا الله بستره وأحضر لى الكتب الدينية التى تحض على ذلك ولما كنت قد ورثت حب التدين عن والدى فقد أطعته بل زدت على ذلك وأخذت ألبس إيشارب وهو أشبه بالمنديل الملون فوق رأسى وعصبه من تحت الذقن وهى طريقة تتبعها القرويات لكى يخفين شعر الرأس والعنق وذلك ابتغاء مرضاة الله فسر زوجى بذلك فى مبدأ الأمر ولكنه رجع فطالبنى بأن أتزين وأتعطر وألبس له الفساتين التى تكشف عن الساقين والذراعين وأن أصفف شعرى فى أشكال بديعة كما كنت أفعل سابقا ولما كان ذلك متعذرا لأن زوجى يسكن مع والديه وأخوته وأحدهما فى السادسة عشرة والثانى فى الواحدة والعشرين وذلك لأن ظروف زوجى لا تساعده على السكن وحده وقد بينت له أن ذلك غير متيسر لأننى لا أستطيع أن أمنع أحدا منهم من دخول حجرة أخيه فى أى وقت خصوصا وأن لى أطفالا صغارا ومطالبهم تجعلنى لا أستطيع أن أتعبد بحجرة خاصة لذلك فأنا ألبس فى المنزل غطاء الرأس الذى وصفته وجلبابا طويلا يغطى إلى آخر الكعبين وأظل به طول النهار وبعضا من الليل وحين يرانى زوجى بهذه الحال يثور ويغضب ويقول إنه لا يسمح لى بهذا اللبس الذى أشبه فيه بالغسالة أو كجدته العجوز ولست أقول إنه يظلمنى بهذا التشبيه ولكن والحق أصحبت فتاة غريبة جدا عن تلك الفتاة التى كنتها والتى أعجب بها وتزوجها لأن عدم التزين وهذه الملابس التى ألبسها جعلتنى أشبه بالفلاحات وحتى حين أراه غاضبا وألبس بدل القميص فستانا قصيرا وشراب وجاكت لا يرضى بذلك وأنا متأكدة أنه لو رآنى قبل الزواج لما تزوجنى وقد تطورت الحالة فى الشهور الأخيرة فأخذ يشتمنى ويلعننى فى كل وقت ويقول إنه غير راض عنى أبدا وأننى ملعونة من الله ومن الملائكة ومن كل شىء إلا إذا أطعته وأقلعت عن هذا الملبس ولبست ما كنت ألبس يوم تزوجنى لأنه تزوجنى ليصون نفسه من الزلل وأنه الآن فى عنفوان شبابه وهو يرى فى الخارج من المغريات كثيرا فإذا أنا لم ألبس له وأتزين كما كنت فيما مضى سيضطر أن يمتع نفسه بطريقة أخرى وأنه إذا زل فذنبه واقع على لأننى لا أطيعه وأمتعه كما يريد ولما قلت له إنى أخاف عقاب الله إذا أبديت زينتى ولبست الملابس التى تبدى بعض أجزاء الجسم قال لى أنه سيحمل الذنب وحده لأنه هو الذى أمرنى وما أنا إلا مأمورة فلا عقاب على لأن الله يأمرنا بطاعة أزواجنا وقد قال الرسول فى ذلك - لو كان السجود لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها - والآن الحالة بيننا على أشدها وقد هددنى بأن يحلف بالطلاق أنى لا ألبس هذه الملابس والآن أنا فى حيرة لا أدرى معها إن كنت على صواب أم على خطأ فى مخالفته خصوصا وأنه يطلب منى حين حضور أحد من أقاربنا أو حين الخروج للنزهة عدم لبس شىء على رأسى وعدم لبس جوارب وأكمام طويلة وهو لا يطلب منى ذلك دائما وإنما فى بعض الأحيان فارفض خوفا من الله فيقول إنه يجب أن أكون على أحسن حال وأنه يطلب منى طلبا معقولا فيجب أن أطيعه.
والآن أنا فى أشد الحيرة هل أطيعه فى كل شىء طاعة عمياء أم أطيعه فى بعض النقط دون بعضها وهل إذا أطعته يكون لا ذنب على إن لى منه طفلة وطفلا وهو شاب مهذب مؤدب دين فأفتنى بما يرضى الله ورسوله هدانا الله وأياكم سواء السبيل
صلى الله عليه وسلمn اطلعنا على هذا السؤال ونفيد أنه يحرم على السائلة أن تخرج بالحالة المنوه عنها فى السؤال كما يحرم عليها إبداء زينتها المذكورة لأخوى زوجها فقد قال الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة النور {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} النور 31، وأولوا الأربة من الرجال (هم الذين لا حاجة لهم إلى النساء من الشيوخ الطاعنين فى السن ونحوهم والخمر فى قوله تعالى {وليضربن بخمرهن} جمع خمار وهى المقنعة التى تلقيها المرأة على رأسها والجيب - الطوق - وهو فتح فى أعلى القميص يبدو منه بعض الجسد وليس المراد منه الجيب المعروف الآن والمراد بهذه الجملة من الآية الكريمة أمر النساء بستر نحورهن وصدورهن بخمرهن حتى لا يرى منها شىء - وإذا كان هذا (أى الخروج وإبداء الزينة كما جاء بالسؤال) حراما ومعصية فإذا أمرها زوجها به كانت إطاعته محرمة فإنه أمر بمعصية وقد قال النبى صلى اله عليه وسلم (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) ومما يناسب ذكره هنا ما قاله الألوسى فى تفسير الآية الكريمة المذكورة قال رحمه الله (ثم اعلم أن عندى مما يلحق بالزينة المنهى عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء فى زماننا فوق ثيابهن ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن وهو غطاء منسوج من حرير ذى عدة الوان وفيه من النقوش الذهبية أو القطنية ما يبهر العيون وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم من الخروج بذلك ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة قد عمت البلوى بذلك ومثله ما عمت به البلوى أيضا من عدم احجتاب أكثر النساء من اخوان بعولتهن وعدم مبالاة بعولتهن بذلك وكثيرا ما يأمرونهن به وقد تحتجب المرأة منهم بعد الدخول أياما إلى أن يعطوها شيئا من الحلى ونحوه فتبدوا لهم ولا تحتجب منهم بعد.
وكل ذلك مما لم يأذن به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأمثال ذلك كثيرا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم انتهى - هذا وطاعة الزوجة لزوجها وإن كانت واجبة بل هى أوجب من طاعتها لأبويها كما دلت على ذلك النصوص الشرعية التى منها قوله عليه الصلاة والسلام (لو كنت آمر أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذى نفس محمد بيده لا تؤدى المرأة حق ربها حتى تؤدى حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه) فهى أى طاعة الزوجة لزوجها فيما له من حقوق عليها وليس من الحقوق إبداء زينتها لمن لا يحل له النظر إليها هذا وعليك أن تتقى الله وتتحملى أذى زوجك وتصبرى على ذلك فى سبيل رضاء الله عنك وليكن نصب عينيك قوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} الطلاق 2، 3، وقوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} الطلاق 4، وقوله تعالى {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر 10، واحذرى أن تطيعى زوجك فيما يأمرك به مما نهى الله عنه وحرمه إرضاء له فإنه لا يغنى عنك من الله شيئا.
ففى حديث عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها الذى بعثت به إلى معاوية (من أرضى الله بسخط الناس رضى الله عنه ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا) وانتهزى فرصة صفو زوجك وانصحى له أن يكون معك فى طاعة الله واجتناب معاصيه وليكن ذلك منك بالحكمة وحسن التصرف ولين القول واذكرى له أنه بأمره لك بما جاء فى كتابك إنما يأمرك بالمنكر وليس هذا من شأن المؤمنين بل هذا شأن المنافقين كما قال الله تعالى فى سورة التوبة {المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون.
وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جنهم خالدين فيها هى حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم} التوبة 67، 68، أعاذ الله زوجك من النفاق ووقاه شر المنافقين ووفقه إلى أن يكون من المؤمنين الذين ذكرهم الله فى قوله فى هذه السورة {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم.
وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} التوبة 71، 72، فإذا ذكرت له هذا وكان مهذبا مثقفا وذا دين كما جاء بكتابك لم يرض لنفسه إلا أن يكون من المؤمنين الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وسائر المسلمين لما يحبه ويرضاه وأن يجعل بينك وبين زوجك من الألفة والمودة والرحمة ما به تقيما حدود الله تعالى وأن يصلح لكما شأنكما وأن يسعدكما وذريتكما فى الدنيا والآخرة إنه سميع الدعاء وهو ولينا ونعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ے