F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q رأيت فى بعض كتب الفقه أن من ضمن نفقة الزوج لزوجته إحضار ما تتوحم عليه أثناء الحمل. فهل هذا صحيح، وهل الوحم نفسه صحيح؟
صلى الله عليه وسلمn إن إنفاق الزوج على زوجته معروف أنه واجب والنصوص فيه كثيرة، وأهم أنواعها الطعام والكسوة والمسكن، وقد قرر بعض الفقهاء، ومنهم الشافعية، أن من المعاشرة بالمعروف التى أمر الله بها الأزواج توفير الكماليات لها مما تقض به العادة، وقد جاء فى حاشية الشيخ عوض على شرح الخطيب "الإقناع " لمتن أبى شجاع فى فقه الشافعية "ج 2 ص 190 " أنه يجب عليه لها فطرة العيد وكحك العيد وسمكه ولحم الأضحية وحبوب العشر والبيض فى خميس البيض وما تحتاجه عند الوحم.. .
إن من المشاهد أن الحامل إذا توحمت على شىء ظهر أثره فى تكوين الجنين بصور مختلفة، بل إنها إذا توحمت عليه أثناء رضاعة الطفل ظهر الأثر أيضا. وقد أنكر كثير من الباحثين ذلك. لكن شوهد أن بعض النساء تأتى بمولود فيه شبه بأحد الناس أو بأحد الحيوانات، دون أن يكون هناك اتصال جنسى بينهما، أو اتصال بنسب ينحدر منه هذا الشبه، فهل يمكن أن يقال: إن التأثرات النفسية العصبية قد تكون بمثابة رسل أو وسائط توصل هذه الانطباعات إلى جسم الجنين أو الرضيع عن طريق اللبن؟ .
رأيت فى سفر التكوين "إصحاح 30" ما يبين قدم هذه الظاهرة ومحاولة استغلالها وهى أن يعقوب وضع قضبانا من فروع الشجر مخططة فى مساقى الغنم، لتتوحم عليها وتلد أغناما مخططة. فليتأمل.
وهذا يؤيد الرأى القائل: إن الصفات المكتسبة تورث إذا أثرت تأثيرا عميقا فى الأغصاب والأحاسيس. وفى ذيل تذكرة داود الأنطاكى "ص 31 " أن شبه الولد بوالديه قد يكون من التخيلات والأوهام ساعة الاتصال الجنسى، أو من تخيلات الحامل زمن تخلق الجنين.
وتحدث العلماء عن حمل الغيرة، لأنها عبارة عن انفعال عصبى شديد يؤدى إلى حدوث انفعالات فى خلايا المخ -تؤثر بدورها على جزء منه يسمى " الهيبوتلاس " فتزداد إشارته العصبية الموجهة إلى الغدة النخامية فيزداد بالتالى إفرازها للهرمونات التى تساعد على حدوث التبويض "دكتور إسماعيل صبرى - الأهرام 27 / 12 / 1981 ".
كما تحدثوا عن الحمل الكاذب وأثره. فى تغيرات الجسم، يقول الدكتور أحمد زكى:
إن المرأة شديدة الرغبة فى الحمل أو شديدة الخوف منه تحدث لها أعراض الحمل وليس بها حمل، فينقطع حيضها ويثقل ثدياها، وتعرض لها فترة من الوحم والقىء ويكبر بطنها رويدا رويدا، كأن فيه جنينا ينمو شهرًا بعد شهر، ولو استمر ذلك الأمر حتى تبلغ أشهر الحمل لجاءها مخاض كاذب، بل استدعاء وطلق كالولادة غير أنها لا تلد شيئا.
كل هذا دليل على ما للحالة النفسية من أثر، لا على العقل الواعى فحسب ولكن حتى فيما لا إرادة فيه ولا وعى كهذه الأعراض "مجلة العربى يونية 1968 ص 139 ".
ويقول ابن القيم: الحجَّام يرى الخرَّاج فيشمئز منه فيخرج له مثله، ومداوى رمد يقشعر فيحصل له مثله، كالتثاؤب لمن يرى متثائبا "زاد المعاد - الاستفراغ بالقىء"، ويمكن الرجوع فى هذا الموضوع إلى الجزء الرابع من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام "ص. 27".
والخلاصة أن ظاهرة الوحم معروفة من قديم الزمان، والعلم يشهد لها. ومن المعاشرة بالمعروف أن يهيئ الزوج لزوجته الحامل ما تميل إليه نفسها أثناء فترة الوحم. لأن له تأثيرا على الجنين، وأن يهبىء لها الجو الذى يدخل على نفسها البهجة وبخاصة أثناء الحمل والرضاعة