F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q ما حكم الدين فى أب يريد أن يحرم ابنه من الميراث نظرا لأنه عاق، وكثيرا ما يتعدى على والديه بالإهانة؟
صلى الله عليه وسلمn إذا مات الإنسان وقد أوصى بحرمان ابنه أو بعض ورثته من الميراث فلا أثر لهذه الوصية، لأن توزيع الميراث شرع الله، لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه، وقد تكون الصورة التى وردت فى السؤال هى عن بيع أو هبة الشخص ما يملكه فى حال حياته إلى بعض الأولاد وحرمان البعض الآخر.
وكلنا أو أكثرنا يعرف حديث النعمان بن بُشير الذى جاء فيه النهى عن تفضيل بعض الأولاد على بعض بهدية من غير مقابل، ولم يشهد النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك وقال "إنه جور" ونصح الآباء أن يسووا بين الأولاد ليكونوا له فى البر سواء.
إن علماء الحديث والفقه نظروا إلى هذا الحديث واختلفت أحكامهم على هذا التصرف فقال جمهورهم -وهم أبو حنيفة ومالك والشافعى-إنه مكروه وليس حراما لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبشير والد النعمان "أشهد على هذا غيرى" ولو كان حراما ما أجاز أن يشهد عليه أحد، وأما أحمد بن خبل فقال: إن هذا التفضيل حرام، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال له "لا أشهد على جور" أى ظلم.
لكنهم جميعا قالوا: محل الكراهة أو الحرمة فى التفضيل إذا لم يكن هناك سبب مشروع، فلو كان أحدهم مريضا أو مدينا دينا كبيرا لا يستطيع كسبه الوفاء به، أو كان صغيرا يحتاج فى مستقبل حياته إلى رعاية. فلا مانع من أن أباه يساعده بشىء مراعاةً لحاله، واستدلوا على ذلك بما حدث من الصحابة، فقد فضل أبو بكر رضى الله عنه عائشة على غيرها من أولاده، وفضل عمر رضى الله عنه ولده عاصما بشىء كما فضل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بعض أولاده على بعض، نصت على ذلك كتب الفقه كالإقناع للخطيب فى فقه الشافعية والمغنى لابن قدامة فى فقه الحنابلة، وقد تقدم القول فى ذلك بإسهاب.
هذا واضح فى المفاضلة فى العطية، أما حرمان بعضهم فإن الحديث وإن كان يدل عليه فقد نص عليه الحنابلة بما جاء فى "المغنى" لابن قدامة "المعجم طبعة الكويت ص 720" من قوله: وإن خص بعض أولاده بعطية لمعنى يقتض التخصيص كزمانة أو كثرة عائلته أو انشغاله بعلم. أو صرف عطيته عن بعضهم لفسقه أو بدعته.
أو لاستعانته بذلك على معصية جاز ذلك، وقيل: لابد من التسوية ويمنع التفاضيل والأول أصح.
هذا نص المغنى، وبناء عليه فلا مانع من حرمان الولد العاق من البيع أو الهبة له كباقى إخوته - وإن كنت أخشى أن يزيد عقوق الولد أو يعامل إخوته معاملة قاسية، وأرجو أن يُبحث عن وسيلة أخرى لتقويم سلوك هذا الولد العاق