F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q يقول الله تعالى {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج} البقرة: 197، معنى الرفث والفسوق والجدال، وهل النهى عنها خاص بأيام الحج وحدها، أم ينصرف على غيرها؟
صلى الله عليه وسلمn جاء فى تفسير القرطبى "، 2، 407" أن الرفث الجماع كما قاله ابن عباس وابن جبير والسدى وقتادة والحسن وعكرمة والزهرى ومالك. ونهى الله عنه لأنه يفسد الحج بإجماع العلماء إذا حصل قبل الوقوف بعرفة، وجزاؤه الهدى وإعادة الحج وقال عبد الله بن عمر وطاووس وعطاء وغيرهم: الرفث هو الإفحاش للمرأة بالكلام، يقول الشخص لزوجته: إذا أحللنا جامعتك، وقيل هو التحدث عن النساء بما يتصل بالشهوة، وقيل غير ذلك. والمراد بالنهى عن الحديث عما يتصل بالشهوة الجنسية إبعاد النفس عن هذه المتعة حتى لا يقع الشخص فيها فيفسد الحج، فهو من باب الوقاية! والفسوق هو الخروج عن الطاعات إلى المعاصى أيًّا كان نوعها كما قال ابن عباس وعطاء والحسن وابن عمر وغيرهم، والمراد به فى الحج ارتكاب المحظورات التى نهى الله عنها الحاج، كقتل الصيد وقص الظفر وأخذ الشعر والجماع. وقيل: الفسوق التنابز بالألقاب، وقال ابن عمر: هو السباب. واختار القرطبى القول الأول الشامل لكل المعاصى.
والمراد بالنهى عنه تحذير الحاج من كل المعاصى، لأن العقاب مضاعف فى الأماكن المقدسة ومجرد التفكير فى ارتكاب المعصية إثم كبير كما قال تعالى عن البيت الحرام {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من، ذاب أليم} الحج: 25، والجدال فى المعنى المراد منه أقوال ستة ذكرها القرطبى، منها مجادلة تؤدى إلى السباب، واختلاف الناس فى أيهم صادف موقف إبراهيم عليه السلام كما كانوا يفعلون فى الجاهلية، واختلافهم فى موعد الوقوف بعرفة، فهو جدال فى إصابة المكان وإصابة الوقت، وقيل: هو المفاخرة بالآباء.
والمراد بالنهى عن الجدال بأى معنى هو منع الاختلاف فى أحكام الحج والتعصب للرأى، وبخاصة فيما لم يكن منفقًا عليه، وكذلك عدم فرض، لآراء فى أى شىء آخر فى هذا اللقاء الكبير، الذى يجمع شتات الأجناس واللغات والعادات والأفكار، وذلك لتنافيه مع حكمة الحج من دعم التعاون والتعارف بين المسلمين كافة. وهذه الأمور الثلاثة وهى الرفث بما يتعلق بالنساء ولو بالحديث، والفسوق بمعنى السباب أو العصيان والجدال بمعنى التخاصم فى الرأى، أمور منهى عنها فى الحج وغيره، ولكن النهى عنها فى الحج آكد، نظرًا لحرمان الحجاج من المتعة النسائية والتعرض فى الزحام للمضايقات واهتمام كل شخص بنفسه وتمسكه برأيه ليصح حجه الذى، عب فيه بماله وصحته، فالظروف هى التى جعلت هذه الأمور المحرمة فى كل حال أشد حرمة، وبخاصة عدم مناسبتها لشرف المكان وحرمة الزمان.
ومثل ذلك نهى النبى صلى الله عليه وسلم - الصائمين عن الغيبة والكذب والزور، الذى يشمل كل باطل من قول أو فعل -بمثل قوله كما رواه البخارى " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه " مع أن ذلك محرم أيضا على غير الصائمين، لأن من حكمة الصيام كف النفس كل الشهوات التى رمز إليها بشهوتى البطن والفرج وهما حلالان أصلا، ليمرن الصائم نفسه بترك المشتهيات المحرمة من باب أولى، وكف النفس عن الشهوات يظهر أثره واضحًا فى التعامل مع الناس أو فى الأخلاق الاجتماعية كما يقال. ومنها صيانة اللسان عن الكذب والزور وكل ما يضر الغير