F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q كنت مريضا فى الحج وتحتم سفرى فسافرت ولم أطف طواف الوداع فهل حجى صحيح وهل من السنة ما يفعله الناس بعد الطواف من خروجهم من المسجد بظهورهم ووجوههم إلى الكعبة؟
صلى الله عليه وسلمn من الذوق إذا زار الإنسان أخاه وأراد أن يفارقه أن يثنى عليه لكرم استقباله وضيافته، كما يثنى عليه أخوه ويشكره لزيارته، ومن أدب الإسلام إذا دخل الإنسان مجلس قوم أن يسلم عليهم، فإذا فارقهم سلم عليهم أيضا، فليست الأولى بأحق من الآخرة، كما ثبت فى الحديث الذى رواه الترمذى.
والزائر لبيت الله زائر لربه، وقد لقى منه أثناء الزيارة نفحات وبركات، فليس من اللائق أن يفارق البيت دون عمل شيء يدل على تأثره لمفارقته، وكما حيا البيت عند دخول المسجد بطواف القدوم فلتكن تحيته عند مفارقته بالطواف الذى يطلق عليه طواف الوداع.
وهو يكون عند العزم على مغادرة البيت مغادرة نهائية لا وقتية، بحيث لا يمكث بعده قى مكة إلا لقدر ما يعد للسفر إعدادا سريعا.
واتفق العلماء على أن طواف الوداع مطلوب لما رواه مسلم وأبو داود عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان الناس ينصرفون فى كل وجه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم "لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت " وروى مالك فى الموطأ عن عمر رضى الله عنه قال: آخر النسك الطواف بالبيت.
لكن ما هى درجة طلبه؟ قال الشافعى وأبو حنيفة وأحمد إنه واجب، يلزم بتركه دم، وقال مالك: إنه سنة لا يجب بتركه شيء، وهو قول للشافعى.
ومهما يكن من درجة طلبه فإن المرأة إذا كانت حائضا يسقط عنها، لما رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: رخص للحائض أن تنفر إذا حاضت. وفى رواية: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
ونقول لصاحب السؤال: إن أخذت برأى الجمهور وجب عليك ذبح شاة، فإن لم تجد فعليك صيام عشرة أيام فى بلدك ما دمت قد غادرت الحرم، وإن أخذت برأى مالك فليس عليك شيء، ولا حرج عليك، وحجك صحيح إن شاء الله.
أما ما يفعله بعض الناس من الخروج بظهورهم فلم يرد شيء عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، وإنما هو عرف فى الأدب، عند بعض الناس، لا نستطيع أن نحكم عليه بالحرمة، إلا إذا كان فيه إيذاء للغير، أو تعريض نفسه للأذى، فالإسلام لا ضرر فيه ولا ضرار، كما ورد فى الحديث الذى رواه مالك وابن ماجه والدارقطنى بإسناد حسن، والذى يسن بعد الطواف هو أن يقف الطائف عند الملتزم ويدعو ربه بالرضا عنه وبالعافية والصحة والعصمة وحسن المنقلب والتوفيق للطاعة، وبألا تكون هذه المرة هى آخر العهد بالبيت