F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q هل هناك حديث يقول: نوم الصائم عبادة؟
صلى الله عليه وسلمn جاء فى تخريج العراقى لأحاديث "إحياء علوم الدين للغزالى" أن هذا الحديث موجود فى "أمالى ابن منده" من رواية ابن المغيرة القواس عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف، ولعله عبد الله بن عمرو، فإنهم لم يذكروا لابن المغيرة رواية إلا عنه. ورواه أبو منصور الديلمى فى "مسند الفردوس" من حديث عبد الله بن أبى أوفى، وفيه سليمان ابن عمرو النخعى أحد الكذابين.
يؤخذ من هذا أن الحديث ليس صحيحا ولا حسنا عن النبى صلى الله عليه وسلم فهو إما ضعيف وإما موضوع، وبصرف النظر عن سند الحديث فهناك وجهتا نظر عند تفسيره، وجهة تقول: إن الصائم الذى يتعرض أثناء صيامه لأمور تتنافى مع حكمة الصيام بسبب اندماجه مع المجتمع، كالكذب والغيبة والنظر المحرم وغير ذلك سيكفه نومه بالنهار عن هذه الأمور المنكرة، وذلك صورة من صور العبادة، فهو عبادة سلبية كالصدقة التى قال النبى صلى الله عليه وسلم فى وجوبها على كل مسلم لا يجد ما يتصدق به ولا معونة من أى نوع كان "فليمسك عن الشر، فإن إمساكه عن الشر صدقة" رواه البخارى ومسلم، ومن هنا يكون نومه صوابا وعبادة.
ومن وجهة نظر أخرى، الصائم الذى يؤثر النوم على العمل الإِيجابى المنتج مخالف لأوامر الدين، فى وجوب استغلال طاقة الإِنسان فى عمل الخير، ومخالف كذلك للأوامر الدينية التى تنفر من العجز والكسل، فالنبى صلى الله عليه وسلم أمر بالاستعاذة منهما أبا أمامة حتى يذهب الله همه ويقضى دينه كما رواه أبو داود، فالإِسلام دين حركة وعمل وإنتاج، والصائم يمكنه ذلك فى حدود الوسع والطاقة، ولم يقف الصحابة عن العمل وهم صائمون، بل وقعت كبريات الغزوات فى شهر رمضان، وعلى رأسها غزوة بدر، والفتح الأعظم لمكة المكرمة، وإذا كانت بعض الدول تخفف من العمل فى شهر الصيام فلا يجوز أن يستغل ذلك لمزيد من الكسل والتهاون، والعمل الصالح فى ظل الصيام له ثوابه الجزيل "انظر ص 510 من المجلد الرابع من هذه الفتاوى" ومن هنا يكون نوم الصائم خطأ وليس عبادة