إعطاء الزكاة للأقارب

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q سمعت أن إعطاء الزكاة للأقارب لا يجوز، فهل هذا صحيح؟

صلى الله عليه وسلمn الأقارب هنا قسمان، قسم تجب على الإنسان نفقته كالأبوين والأولاد والزوجة وقسم لا تجب عليه نفقته، كالعم والخال والعمة والخالة.

وقد اتفق الفقهاء على جواز إعطاء الزكاة للقسم الثانى، بل هم أولى بها من غيرهم، لأنها تكون زكاة وصلة رحم فى وقت واحد كما رواه أحمد وابن ماجه والنسائى والترمذى وحسنه، وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما عن النبى صلى الله عليه وسلم "الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذى الرحم ثنتان، صدقة وصلة".

أما القسم الأول: وهو من تجب عليه نفقته فالإجماع على أنه لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة، لأن المفروض فى المزكى أن ينفق عليهم النفقة الكافية التى لا تجعلهم فقراء ولا مساكين يستحقون الزكاة، والمزكى عنده مال كثير زائد عن حاجته وحاجة من يعولهم فهم فى غير حاجة إلى الزكاة. فالوالدان لا يجوز إعطاء الزكاة لهما، وكذلك الأولاد الصغار، أو البالغون إذا كانوا غير قادرين على الكسب، فإن قدروا على الكسب فلا تجوز الزكاة لهم.

وكذلك الزوجة نفقتها واجبة على الزوج فلا يعطيها من زكاته، لأنه لو أعطى هؤلاء الذين تجب عليه نفقتهم فهو يعطى نفسه، لأن الزكاة ستخفف من عبء النفقة الواجبة عليه. روى الأثرم فى سننه عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال: إذا كان ذو قرابة لا تعولهم فأعطهم من زكاة مالك، وإن كنت تعولهم فلا تعطهم ولا تجعلها لمن تعول "نيل الأوطار للشوكانى ج 4 ص 189 ".

والشوكانى يرى جواز إعطاء الزكاة للقريب، بصرف النظر عن كون نفقته واجبة على المزكى أو غير واجبة، مستندا إلى حديث البخارى ومسلم فى شأن زينب امرأة عبد اللَّه بن مسعود الثقفى وشأن امرأة معها، حيث سئل النبى صلى الله عليه وسلم: أتجزى الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام فى حجورهما؟ فقال "لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة" وفى رواية البخارى عن أبى سعيد "زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم ".

يقول الشوكانى فى وجه الاستدلال: إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستفصل عن الصدقة إن كانت واجبة أو تطوعا، وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال، والأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة أو وجوب النفقة مانعان من إجراء الزكاة فعليه الدليل، ولا دليل.

وقد أجاز الشوكانى ذلك لأن الأم لا يلزمها أن تنفق علي ابنها مع وجود أبيه، لكن قد يقال: إن الأيتام ربما لا يكونون أولادها فتصح الزكاة عليهم.

وقد روى عن مالك أن الممنوع من أخذ الزكاة هم الأب والأم والأولاد، أما الجد والجدة ومن علا، وبنو البنين ومن نزل فيجوز صرف الزكاة إليهم، أما غير الأصول والفروع ممن تجب نفقتهم -كالزوج والزوجة - فذهب مالك والشافعى إلى أنه لا يجزئ صرف الزكاة إليهم.

وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز ويجزئ، وذلك لعموم الدليل فى التصدق على الأقارب، حيث لم يفصل، بين قرابة وقرابة، ولا بين وجوب النفقة وعدم وجوبها، كما وضحه الشوكانى. وهذا كله فى الصدقة الواجبة كالزكاة، أما صدقة التطوع فالأقارب بوجه عام أولى بها كما سبق ذكره، ومما يرغب فى ذلك أيضا حديث رواه مسلم "دينار أنفقته فى سبيل اللَّه، ودينار أنفقته فى رقبة-يعنى تحرير رقبة من الرق -ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك لما وجاء في تفسير القرطبى "ج 8 ص 190 "جواز إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الفقير بناء على حديث زينب الثقفية، حتى لو كان يستعين بها على النفقة عليها كما كان يفعل ابن حبيب، وقال أبو حنيفة لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا يجوز، وذهب الشافعى وأبو ثور وأشهب إلى إجازة ذلك إذا لم يصرفه إليها فيما يلزمه لها، وإنما يصرف ما يأخذه منها فى نفقته وكسوته على نفسه، وينفق عليها ماله.

وفى الفتاوى الإسلامية "مجلد 1 ص 115 " لو دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه جاز إذا لم يحسبها من النفقة، وذلك فى غير الزوجة والأبوين والفروع، كما وضحتها فتوى فى المجلد الخامس ص 1799 "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015