F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q نعرف أن التكليف بالعبادات يكون عند البلوغ، فلو ترك والد لولده الصغير مالا يبلغ النصاب، هل تجب فى ماله زكاة؟
صلى الله عليه وسلمn العلماء فريقان فى حكم الزكاة فى مال الصبى الذى لم يبلغ حد التكليف، فريق لا يرى وجوب الزكاة ومنهم أبو حنيفة وأصحابه، وقصدوا الزكاة فى الزروع والثمار كما جاء فى كتاب بدائع الصنائع للكاسانى، وحجتهم فى ذلك أن الزكاة عبادة محضة كالصلاة تحتاج إلى نية، والصبى لا تتحقق منه النية، وقد سقطت عنه الصلاة لفقدان النية فتسقط الزكاة كذلك، كما احتجوا بحديث " رفع القلم عن ثلاث، عن الصبى حتى يبلغ.
. . " وبقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} التوبة:
103، ولكن هذه الأدلة تصلح لمن لا يوجب الزكاة على الصبى أصلا، ولا تصلح لمن أوجبها فى بعض المال.
وضموا إلى هذه الأدلة النقلية دليلا عقليا وهو: أن مصلحة الصغير فى إبقاء ماله، والزكاة تنقصه وقد تستهلكه، لعدم تحقيق النماء الذى هو علة وجوب الزكاة. وهذه العلة العقلية تساعد من يقول بوجوب الزكاة فى ماله النامى بنفسه كالزروع والمواشى، أو الذى ينمى بالعمل والتثمير كالنقود التى يتجر فيها بالمضاربة.
والفريق الثانى من العلماء يرى وجوب الزكاة فى مال الصبى، ومنهم مالك والشافعى وأحمد، ومن أدلتهم عموم النصوص الدالة على وجوب الزكاة فى مال الأغنياء، دون استشاء صبى أو غيره، وحيث إن الصبيان يعطون من الزكاة إذا كانوا فقراء فلتؤخذ منهم إذا كانوا أغنياء كما يدل عليه حديث معاذ لما أرسله النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حيث قال له " أعلمهم أن اللَّه افترض عليهم صدقة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد فى فقرائهم ".
ومن أدلتهم حديث رواه الطبرانى مرفوعا " اتجروا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة " ومثله حديث الترمذى وإن كان فيه مقال، غير أن معناه صحيح موقوف على عمر، فقد صحح البيهقى عنه: ابتغوا فى أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة، والمراد بها الزكاة. وكما صح الحكم عن عمر صح عن غيره من عدد من الصحابة ولم يعرف لهم مخالف، إلا رواية ضعيفة عن ابن عباس لا يحتج بها.
وإلى جانب هذه الأدلة قالوا: إن مقصود الزكاة سَدُّ خلة الفقراء من مال الأغنياء شكرًا لله وتطهيرا للمال، ومال الصبى قابل لأداء النفقات والغرامات فلا يضيق عن الزكاة.
وعلى هذا القول: ولى الصبى يخرج الزكاة عنه من ماله، وتعتبر نية الولى فى الإخراج، وبعض المالكية قال: يخرجها الولى إذا أمن أن يطالبه وجعل له ذلك، وإلا فلا.
ويؤخذ من هذا أن الجمهور يوجبون الزكاة فى مال الصبى