الصبيان والمساجد

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q يصحب بعض المصلين أولادهم إلى المساجد فيعارضهم آخرون لما يحدث منهم من تشويش، فما رأى الدين فى ذلك؟

صلى الله عليه وسلمn نحن مأمورن بأن نعود أولادنا منذ الصغر على الصلاة والصيام وسائر أعمال الخير، حتى إذا بلغوا حد التكليف كانت ممارستها سهلة عليهم، وفى ذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم فى المضاجع ". رواه أبو داود بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وثبت أن الصحابة عندما فرض الصيام كانوا يصومون أطفالهم، ويحضرون لهم كرات الصوف ليتسلوا بها حتى يحين وقت الإفطار، كما رواه البخارى ومسلم عن الربيِّع بنت معوِّذ.

وكما يندب تدريب الأولاد على الصلاة والطاعات فى المنازل، يندب تدريبهم على الأعمال الجماعية لتقوية روح الاجتماع فى نفوسهم، ومن ذلك شهودهم لصلاة الجمع والجماعات فى المساجد، وتحدث الفقهاء عن ترتيب صفوف الجماعة فقالوا: يكون الرجال فى الصفوف الأولى ثم يليهم الصبيان ثم يليهم النساء.

ومع ذلك جاء حديث عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخدوا على أبوابها المطاهر وجمروها فى الجمع " رواه ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن أبى الدرداء وأبى أمامة وواثلة، ورواه أيضا فى الكبير بتقديم وتأخير من رواية مكحول عن معاذ ولم يسمع منه. هكذا قال الحافظ المنذرى فى كتابه " الترغيب والترهيب ".

وإذا كان فى الحديث ضعف فإن هناك مرويات قوية بخصوص ما جاء فيه، ويمكن قبوله فى فضائل الأعمال التى منها المحافظة على نظافة المساجد وتوفير الجو الهادى الذى يليق بمكانتها ويساعد المتعبدين على أداء عبادتهم فى خشوع، ومن أجل هذا نهى الحديث عن الأمور المذكورة فيه.

وقد جاء فيه تجنيب الصبيان والمجانين للمساجد لأن الغالب منهم صدور أعمال تتنافى مع كرامة المسجد وتؤذى المتعبدين، وحتى لا يكون هناك تعارض بين صلاة الصبيان فى المساجد والأمر بإبعادهم عنها قال العلماء: إن التجنيب يكون للأطفال غير المميزين الذين يكثر منهم العبث، أما المميزون العقلاء فلا بأس باصطحابهم إلى المساجد ومشاركتهم للكبار فى الصلاة والعبادة وأعمال الخير، مع متابعة تنبيههم على المحافظة على آداب المساجد والآداب الاجتماعية بوجه عام.

وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ الحسن معه إلى المسجد فكان يركب على ظهره وهو ساجد فى الصلاة فيطيل السجود رحمة به، كما جاء فى روايات لأحمد والنسائى والحاكم وغيرهما، وحمل العلماء ذلك على ضمان ألا يكون فى دخولهم المسجد تشويش وعبث، أما ترك الأطفال يعبثون بدون رقابة فهو الممنوع.

وكذلك لم يكن اصطحاب النبى للأطفال اعتياديا ومستمرا، بل فلتات أو فى بعض الأحيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015