F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q هل ينتقض الوضوء بخروج الدم؟
صلى الله عليه وسلمn عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أصابه قىء أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ، ثم لِيَبن على صلاته وهو فى ذلك لا يتكلم " رواه ابن ماجه والدارقطنى، وهو حديث ضعيف كما قاله غير واحد، وقال الحفاظ من أصحاب ابن جريح: يروونه عن ابن جريح عن أبيه عن النبى مرسلا، أى سقط منه الصحابى، وصحح كونه مرسلا الدارقطنى وأبو حاتم والبيهقى.
2 - وورد أيضا حديث لا إذا رعف أحدكم فى صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم لِيُعدْ وضوءه وليستقبل صلاته لا وهو ضعيف أيضا.
3 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما عند مالك فى الموطأ: أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ثم يرجع ويبنى.
الرعاف هو الدم الذى ينزل من الأنف. والقىء ما يخرج من المعدة إلى الحلق.
والقلس -بفتح القاف وسكون اللام أو فتحها - ما خرج من الحلق أو الجوف ملء الفم أو دونه وليس بقىء، قاله الجوهرى فى الصحاح وابن الأثير فى النهاية. والمذى هو الماء الأبيض الرقيق الذى ينزل من القبل عقب ثوران الشهوة بدون لذة أو تدفق.
4 - أصيب عباد بن بشر بسهام وهو يصلى فاستمر فى صلاته، رواه البخارى تعليقا بدون سند، ورواه أبو داود وابن خزيمة.
5 - عن أنس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه، وهو حديث ضعيف.
بناء على هذه المرويات اختلف الفقهاء فى نقض الوضوء بالدم الخارج من الجسم، فقال الشافعى وأصحابه بعدم نقض الوضوء بخروج الدم من غير السبيلين لا القُبل والدبر" إلا إذا كان من ثقبة تحت المعدة تقوم مقام السبيلين فى خروج الفضلات، وكذلك قال مالك بعدم النقض بخروج الدم من غير السبيلين إلا إذا كان من ثقبة تحت المعدة أو من الفم إذا صار ذلك مخرجا للفضلات يقوم مقام السبيلين مع بعض التوضيحات عندهما فى الخارج من الثقبة.
وسند هؤلاء فى عدم النقض للوضوء بالرعاف والحجامة والجرح أن الأصل عدم النقض للمتوضئ إلا بما يدل عليه دليل مقبول، ولا يوجد هذا الدليل.
يقول الشوكانى: لا يصار إلى القول بأن الدم أو القئ ناقض إلا بدليل ناهض، والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة النقل، والكل من التقول على الله بما لم يقل [يشير بهذا إلى قوله تعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} النحل: 116،ويؤيد قول هؤلاء الحديث عباد بن بشر، فإنه يبعد ألا يطلع النبى صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة ولم ينقل أنه أخبره بأن وضوءه بطل كما يؤيد هذا القول حديث احتجام النبى صلى الله عليه وسلم وعدم وضوئه وإن كان ضعيفا.
أما أبو حنيفة وأصحابه فقالوا بنقض الوضوء بالرعاف وبنزول الدم من أى مكان فى الجسم، بشرط السيلان الذى يجاوز به الدم محل خروجه، وكذلك قال أحمد بن حنبل بشرط كثرة الخارج من الدم.
وسند هؤلاء هو المرويات الثلاثة الأولى، وهى ضعيفة. أما المذى فهو نافض للوضوء باتفاق لخروجه من القبل.
فإذا خرج بعض الدم من الأسنان أو من أثر الحلافة أو من سكين أو غير ذلك فالوضوء صحيح على مذهب جمهور الفقهاء، والواجب هو تطهير المحل الذى أصابه الدم.
" نيل الأوطار للشوكانى ج 1 ص 257 - 209، الفقه على المذاهب الأربعة "