F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q ما حكم الإسلام فى دخول الحمامات العامة؟
صلى الله عليه وسلمn الحمامات أماكن خاصة للاستحمام، وكانت للبيوت الموسرة حمامات خاصة بها، ثم اقيمت حمامات عامة للناس، وهى قديمة موجودة قبل الإسلام، يقول المقريزى، فى خططه " ج 3 ص 129 ": قال محمد بن إسحاق فى كتاب " المبتدى": إن أول من اتخذ الحمامات والطلاء بالنورة سليمان وإنه لما دخله ووجد حميمه قال: أوَّاه من عذاب الله أواه! ! وذكر المستحى فى تاريخه أن أول من بنى الحمامات فى القاهرة " العزيز باللَّه نزار بن المعز " وكان بها ثمانون حماما فى سنة 685 ط. وأقل حمامات كانت ببغداد زمن الناصر أحمد بن المستنصر ألفا حمام. انتهىـ. .
ولهذه الحمامات آثار باقية إلى الآن بالشام. وهى آخذة فى الانقراض. وقد ألف الحافظ ابن كثير كتابا فى الحمام. ووردت فيه أحاديث كثيرة لم يتفق على صحة شىء منها، قال المنذرى:
وأحاديث الحمام كلها معلولة، وإن ما يصح منها فهو عن الصحابة "نيل الأوطار ج 1 ص 277 ".
ومن هذه الأحاديث ما يأتى:
1 - روى أبو داود وابن ماجه عن ابن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إنها ستفتح لكم أرض العجم،،ستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات. فلا يدخلها الرجال إلا بالإزار، وامنعوا النساء، إلا مريضة أو نفساء " نيل الأوطار ج اص 178 والترغيب والترهيب ج اص 65. وقد تكلم فى هذا الحديث بما يضعف حجيته.
2 -وأخرج المنذرى فى كتابه " الترغيب والترهيب "ج اص 66 أن نساء من أهل حمص، أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت: أنتن اللاتى تدخلن نساءكن الحمامات؟ سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول " ما من امرأة تضع ثيابها فى غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها " رواه الترمذى وقال: حديث حسن وأبو داودو وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. وروى معنى هذا الحديث عن أم سلمة حين دخل عليها نساء حمص. رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى والحاكم.
3- وعن طاووس عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " احذروا بيتا يقال له الحمام ". قالوا: يا رسول اللَّه ينقى الوسخ. قال " فاستتروا " رواه البزار وقال: رواه الناس عن طاووس مرسلا. قال الحافظ المنذرى: رواته كلهم محتج بهم فى الصحيح. ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم. ورواه الطبرانى فى الكبير بنحو ما رواه الحاكم " الترغيب ج اص 65 " وصححه الألبانى.
4 -عن عائشة قالت: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول " الحمام حرام على نساء أمتى " رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد " الترغيب ج 1 ص 65".
د -وعن جابر قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئرر. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام ". رواه النسائى والحاكم وصححه، وحسنه الترمذى "المرجع السابق " وفي ص 66 روى مثله عن طريق أبى سعيد الخدرى.
قال القرطبي فى تفسيره "ج 12 ص 224 ": حرم العلماء دخول الحمام بغير مئزر، وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجُحْفَة، فدخوله للرجال بالمآزر جائز، وكذلك النساء للضرورة، والأولى بهن البيوت إن أمكن. وذكر حديثا لم يصح: أن النبى صلى الله عليه وسلم لقى أم الدرداء عندما خرجت من الحمام فقال لها " والذي نفسى بيده ما من امرأة تضع ثيابها فى غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهى هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل " وذكر حديثا هو أصح إسنادا عن طاووس عن ابن عباس " تقدم تحت رقم 3 ".
ثم يقول القرطبي: دخول الحمام فى زماننا حرام على أهل الفضل والدين، لعدم مراعاة الأدب فى ستر العورة، لا سيما بالديار المصرية، ثم ذكر أن العلماء اشترطوا لدخوله عشرة شروط:
أ - أن يدخل بنية التداوى أو التطهر من العرق إثر الحمى.
2 -أن يتعمد أوقات الخلوة أو قلة الناس.
3-أن يستر عورته بإزار صفيق.
4 -أن يكون نظره إلى الأرض أو الحائط، لئلا يقع على محظور.
د -أن يغير ما يرى من منكر برفق، نحو، استتر سترك الله.
6 -إن دلكه أحد فلا يمكنه من عورته، من سرته إلى ركبته.
7 - أن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس.
8 -عدم الإسراف فى الماء.
9 -إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع أمناء على الدين على كرائه.
10 -أن يتذكر به جهنم.
وذكر حديثا فيه مدح دخوله الحمام، لانه يذكر الإنسان بالنار، فيستعيذ منها ويسأل الجنة، وفيه ذم دخول بيت العروس، لأنه يرغبه فى الدنيا وينسيه الآخرة، ولكن الحديث ليس صحيحا.
وجاء فى القرطبي أيضا أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة:
إنه بلغنى أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمامات مع نساء المسلمين، فامنع من ذلك، وحُلْ دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عرية المسلمة. فقام أبو عبيدة وابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها فسوَّد الله وجهها يوم تبيض الوجوه. انتهىـ. "ج 12 ص 224 ". وفى الشوكانى "ج 1 ص 145 " أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدخل الحمام ويتنور، أى يستعمل النورة لإزالة الشعر، ولم يبين درجة هذا الحديث، مع أن الحمام لم يكن معروفا ببلاد العرب، أو لم يكن شائعا على الأقل، ويبدو-إن صح هذا الحديث - أن المراد به مكان منعزل يستحم فيه الشخص، وليس حماما عاما بالمعنى المعروف.
وإذا كانت الحمامات المبنية لا يرغب فى دخولها، فما بالك بالحمامات المكشوفة فى النوادى والساحات، وعلى الشواطىء التى لا يلتزم فيها حجاب يستر العورة ولا يعزل الجنسين بعضهما عن بعض؟ إنها أشد نكرا