F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q من هم أفضل الأنبياء والمرسلين، وما هى درجاتهم في الفضل؟
صلى الله عليه وسلمn مبدئيا نقول: إن التفاضل بين مخلوقات اللَّه موجود، سواء فى الأشخاص وفى الأزمان والأمكنة وغيرها. وهذا التفاضل أو الاختلاف من أقوى الأدلة على أن للعالم خالقا حكيما مريدا عالما قادرا على كل شىء، وليس العالم -كما يقول الفلاسفة والملحدون -مخلوقا بالطبيعة أو بالعلة، فمعلوم أن معلول العلة لا يتخلف ومطبوع الطبيعة لا يختلف. ومن مظاهر التفاضل في العالم في المكان فضل الكعبة والحرم، وفضل المساجد، وفى الزمان فضل رمضان ويوم الجمعة وليلة القدر، وفى الأشخاص فضل الرسل، وفضل العلماء.والنصوص في ذلك مشهورة.
وبخصوص المرسلين قال اللَّه تعالى {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات} البقرة: 253.
وإن كانوا جميعا متساوين وفى درجة واحدة من وجوب الإيمان بهم جميعا، كما قال سبحانه {لا نفرق بين أحد من رسله} البقرة: 258، وأفضلهم على الإطلاق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك بالنص والإجماع، وقد رفع اللَّه درجته من عدة وجوه لخصها بعضهم بأنها فى ذاته وذلك بالمعراج حيث وصل إلى مقام لم يصل إليه ملك مقرب ولا نبى مرسل، وفى شرفه بالسيادة على جميع البشر فهو القائل "أنا سيد الناس يوم القيامة" رواه البخارى ومسلم، وفى معجزاته حيث أوتى القرآن الذى لم يؤته نبى قبله، وبعموم رسالته وغير ذلك.
أما التفاضل بين الأنبياء بعضهم مع بعض فهو موجود كما تنص عليه الآية {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} الإسراء: 55، والمعتمد أن الرسل أفضل من الأنبياء. .
والتفاصيل فيما بينهم موجود لكن الأفضل ألا نبحث عن وجوه الفضل بين نبى وآخر أو رسول وآخر، فقد يؤدى ذلك إلى اختلاف يمكن أن يكون نتيجة غير طيبة، ولذلك ورد النهى من النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك على الرغم من فضله عليهم. فقال "لا تفضلوا بين الأنبياء" وذلك فى حادث نزاع يهودى مع مسلم وحلف اليهودى أن موسى أفضل العالمين.
رواه البخارى ومسلم. وقال "ما ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى" قال العلماء: إنه قال ذلك من باب التواضع، وقال القاضى عياض: لا نفضل بعضا على بعض تفضيلا يؤدى إلى تنقيص بعضهم أو الغَضَّ منه، قال ابن حجر: قال العلماء: إنما نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك من يقوله برأيه، لا من يقوله بدليل، أو من يقوله بحيث يؤدى إلى تنقيص المفضول، أو يؤدى إلى الخصومة والتنازع، وللمزيد يمكن الرجوع إلى شرح الزرقانى على المواهب اللدنية "ج 6 ص 130 -140"