قرين النبى صلى الله عليه وسلم

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q ما الحكمة فى أن يكون للنبى صلى الله عليه وسلم قرين مع أن الله عصمه؟

صلى الله عليه وسلمn روى مسلم وأحمد من حديث ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة" قالوا وإياك؟ قال "وإياى إلا أن الله أعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير" يقول الزرقانى فى شرح المواهب "ج 5 ص 280" معلوم عصمة الملائكة وإيمانهم، فإنما المراد الإخبار بمصاحبة الملك والجنى لكل أحد، فالجن يغوى بخلاف الملائكة، فقول بعض: إسلام قرينه من الملائكة والشياطين لا معنى له بالنسبة للملائكة، ولا دلالة فى الحديث عليه، اللهم إلا أن يريد بالإسلام ملكه انقياده التام له، وفيه ما فيه.

وجاء فى رواية البزار عن ابن عباس أن الشيطان كان كافرا فأسلم، أى أسلم الشيطان الكافر، وحديث ابن مسعود روى بفتح الميم وضمها، أى فأسلم أنا من فتنته وكيده، وصحح الخطابى رواية الرفع، ورجح عياض والنووى الفتح. لقوله "فلا يأمرنى إلا بخير" قال الدميرى: وهو المختار.

والإجماع على عصمة النبى صلى الله عليه وسلم من الشيطان، وإنما المراد تحذير غيره من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه، فأعلمنا أنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان. انتهى وقال غيره: اعترضت رواية الضم -فأسلم - بأنه تعوذ منه بقوله "أعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان عند الموت" أى يصرعنى ويلعب بى ويفسد دينى أو عقلى عند الموت بنزغاته التى تزل بها الأقدام وتصرع العقول، وقد يستولى على الإنسان حينئذ، فيضله أو يمنعه التوبة أو يعوقه عن الخروج عن مظلمة أو يؤيسه من الرحمة، أو يكره الموت فيختم له بسوء والعياذ بالله تعالى.

وأجيب بأنه إنما قاله تعليما لأمته صلى الله عليه وسلم فإن شيطانه أسلم ولا تسلط له ولا لغيره عليه بحال، بل سائر الأنبياء لا تسلط لشياطينهم عليهم وإن لم يسلموا. انتهى ما جاء فى الزرقانى على المواهب.

وخلاصته:

1 - أن كل إنسان معه قرين من الجن وقرين من الملائكة، وقرين الملائكة إما لحفظ الإنسان كما قال الله سبحانه {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} الرعد: 11 وإما لمساعدته على الخير وإما لغير ذلك، وقرين الجن مهمته الإغواء فقد أقسم إبليس بعزة الله أن يغوى الناس أجمعين، إلا عباد الله المخلصين.

2 -أن النبى صلى الله عليه وسلم كسائر الناس له قرين من الجن وقرين من الملائكة، وقرينه من الجن مختلف فى أنه أسلم بدليل قوله "فلا يأمرنى إلا بخير" أو لم يسلم، بدليل الاستعاذة منه، وأن الله قوَّى رسوله عليه فأبطل محاولة إغوائه، كما حدث من تفلُّته عليه فى الصلاة ليفسدها فخنقه عليه الصلاة والسلام ثم أطلقه كما ثبت فى الحديث.

وعلى كلا الأمرين فالرسول معصوم من تسلط الشيطان عليه وإيقاعه فى المعصية وهو صلى الله عليه وسلم ينبهنا إلى وجوب الحذر من الشيطان المقارن لنا، وإلى أنه بشر مثلنا يجاهد مع توفيق من الله حتى لا يعصى. ونحن أولى بالمجاهدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015