F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q ما هو أول ما خلق الله سبحانه وتعالى في الوجود؟
صلى الله عليه وسلمn سبق فى ص 31 من المجلد الأول من هذه الفتاوى الكلام على أول خلق الله، وأن بعض الناس يقولون إنه نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الأحاديث الواردة فى ذلك أحاديث آحاد ولم يتفق على صحتها، فلا تصلح لبناء عقيدة عليها.
وإضافة لما ذكر هناك أقول: روى عبد الرزاق بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: قلت: يا رسول الله بأبى أنت وأمى أخبرنى عن أول شىء خلقه الله تعالى قبل الأشياء، قال " يا جابر فإن الله تعالى خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره -فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله تعالى، ولم يكن فى ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار، ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جن ولا إنس فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثانى اللوح، ومن الثالث العرش. ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول حملة العرش، ومن الثانى الكرسى، ومن الثالث الملائكة. ثم قسم الجز الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول السماوات ومن الثانى الأرضين ومن الثالث الجنة والنار. ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول نور أبصار المؤمنين ومن الثانى نور قلوبهم، وهى المعرفة بالله، ومن الثالث نور أنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله ... إلى آخر الحديث.
وقد اختلف: هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدى؟ فقال الحافظ أبو يعلى الهمدانى: الأصح أن العرش قبل القلم لما ثبت فى الصحيح عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء" فهذا صريح فى أن التقدير وقع بعد خلق العرش، ووقع عند أول خلق القلم، لحديث عبادة بن الصامت مرفوعا "أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شىء" رواه أحمد والترمذى وصححه. ورويا أيضا من حديث أبى رزين العقيلى مرفوعا "إن الماء خلق قبل العرش" وروى السُّدِّى بأسانيد متعددة أن الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا النور المحمدى والماء والعرش. انتهى.
هذا ما ذكره القسطلانى فى كتاب " المواهب اللدنية "ج 1 ص 9، 10 ولم يعلق هو ولا شارحه الزرقانى على هذه الأحاديث، إلا حديث عبد الله بن عمرو، فقد رواه مسلم، وحديث عبادة الذى رواه أحمد، بل ذكر الزرقانى بسند واهٍ أن القلم طوله خمسمائة عام، وعرضه كذلك، وسنُّه مشقوقة ينبع منه المداد. وفى خبر مرسل أنه من لؤلؤ، وطوله سبعمائة عام.
إن كل هذه الأخبار لا تثبت بها عقيدة ولا يضرنا الجهل بها، ولا نسأل عنها أمام الله إلا بمقدار ما أفدنا من هذه المخلوقات لتحقيق الخلافة فى الأرض. فلنترك ما وراء ذلك لعلم الله تعالى، ونضع أمام أعيننا قوله سبحانه {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} الكهف: 51 وقوله {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهِدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون} الزخرف: 19