أحسن الخالقين

F عطية صقر.

مايو 1997

Mالقرآن والسنة

Q يقول الله تعالى {فتبارك الله أحسن الخالقين} المؤمنون: 14 فهل هناك خالقون غير الله وهو أحسنهم؟

صلى الله عليه وسلمn كان المشركون يزعمون أن الأصنام شركاء لله فى الخلق وفى كل شىء، فتحداهم الله بآيات كثيرة بينت أنهم عاجزون لا يضرون ولا ينفعون، وعبر عنهم بصيغة العقلاء على زعمهم.

ومع اعترافهم بأنه لا يقدر على خلق السماوات والأرض وعلى خلق الإنسان إلا الله كما قال سبحانه {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} الزمر: 38.

وكما قال: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} الزخرف: 9 وكما قال {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون} الزخرف: 87 مع اعترافهم بهذا كانوا ينسبون إلى الأصنام بعض الأعمال ويتقربون إليها بالقرابين لتستجيب لما يطلبون.

وذكر الله الآية التى فى السؤال بعد ذكر خلق الإنسان فى الأطوار المعروفة، وعبر بأحسن الخالقين، وهذه الصيغة المفيدة للتفضيل تبدو منها مشاركة الأصنام لله فى الخلق وهو سبحانه يزيد عليهم ويفضلهم، لكن صيغة التفضيل تأتى أحيانا من غير أن تفيد مشاركة بين المفضل والمفضل عليه، وقد مثَّل علماء النحو لذلك بقولهم:

العسل أحلى من البصل، فهما لا يشتركان أصلا فى الحلاوة حتى يكون العسل أحلى، وإنما المعنى: العسل فى بابه ونوعه أحلى من البصل فى بابه ونوعه.

وتفيد صيغة أحسن الخالقين أيضا أنه يوجد خالق غير الله، أى فاعل أى شىء ومبتكر لأى شىء ليس له مثال سابق، لكن خلق الله وإبداع صنعته وانفراده بأشياء لا يقدر عليها غيره تجعله أفضل الخالقين.

وبعد، فإن فى مرونة اللغة العربية من حيث معانى الألفاظ ودلالة الأساليب ما يجعل هذا التعبير مستساغا ومقبولا بالمعنى اللائق لكل من يوصف به، فكما يقال مثلا: الله رب العالمين، يقال للمالك للعبد رب العبد، وللمالك لأى شىء ربه، كما يطلق الرب على المربى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015