F عطية صقر.
مايو 1997
Mالقرآن والسنة
Q هل صحيح أن الله سبحانه يضع قدمه فى جهنم، وكيف يفهم هذا؟
صلى الله عليه وسلمn يقول الله سبحانه {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} ق: 30 المفسرون فريقان فى قول جهنم " هل من مزيد " ففريق يقول:
المعنى ليس هناك مكان لزيادة أحد على من هم فيها، فقد امتلأت، كقول النبى صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه " هل ترك لنا عقيل من ربع أو منزل "يعنى ما ترك. فمعنى الكلام النفى. وفريق يقول: المعنى هل هناك أحد يزاد على من فيها، ففيها متسع لمن يلقى فيها؟ وعلى كلا المعنيين يصح أن يُنطق الله النار فتقول هذا الكلام، ويصح أن يراد بذلك التشبيه فقط، يعنى كأنها تقول ذلك. والمعنى الأول أصح.
ثم جاء فى صحيحى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " لا تزال جهنم يُلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فينزوى بعضها إلى بعض وتقول: قَطْ قَطْ، بعزتك وكرمك، ولا يزال فى الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة " وفى رواية " وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله عليها رجله يقول لها، قَطْ قَطْ، فهناك تمتلئ وينزوى بعضها إلى بعض، فلا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا ".
فقول" قط قط " فى الرواية الأولى من جهنم، وفى الرواية الثانية من الله.
يقول القرطبى: القدم هنا قوم يقدمهم الله إلى النار، وقد سبق فى علمه أنهم من أهل النار، وكذلك الرِّجل وهو العدد الكبير من الناس وغيرهم، ويبين هذا المعنى ما روى عن ابن مسعود أنه قال: ما فى النار بيت ولا سلسلة ولا مِقْمَعٌ ولا تابوت - وهى أدوات التعذيب -إلا وعليه اسم صاحبه، فكل واحد من الخزنة ينتظر صاحبه الذى قد عرف اسمه وصفته، فإذا استوفى كل واحد منهم ما أمر به وما ينتظره ولم يبق منهم أحد قال الخزنة: قط قط، حسبنا حسبنا. أى اكتفينا اكتفينا. وحينئذ تنزوى جهنم على من فيها وتنطبق، إذ لم يبق أحد ينْتظر، فعبَّر عن ذلك الجمع المنتظر بالرِّجل والقدم.
لكن قال بعض العلماء: إن معنى وضع الله رجله أو قدمه فى النار إخضاعها وإسكاتها، حتى لا تطلب زيادة على من فيها، كمن يريد أن يعبر عن قهره وانتصاره على عدوه فيقول: وضعته تحت قدمى، وليس لله سبحانه قدم ولا رجل كما هو معهود للمخلوقات، فليس كمثله شىء، وإذا سكتت النار عن طلب المزيد بعث الله بخلف ليسكنهم المنازل فى الجنة، وهذا دليل على سعة رحمة الله تعالى. وخلاصة الكلام فى القدم أنه من المتشابه الذى يؤمن به السلف، فالله له قدم ورجل ويد وعين وإصبع كما ورد فى القرآن والسنة، لكن هذه الأشياء ليست كالمعهودة فى المخلوقات، أما الخلف فينفون أن لله أعضاء بالمعنى الحقيقى، والمراد منها لازمها، فالتعبير مجازى والمراد القوة والعناية والرعاية والعلم