F حسن مأمون.
رجب 1375 هجرية - 4 فبراير 1956 م
M 1- شراء الشخص ما باعه بنفسه أو بوكيله ممن اشتراه بثمن أقل من ثمن البيع قبل دفع كل الثمن الأول فاسد شرعا، وإن رخص السعر للربا.
2- لا يجوز بيع المنقول قبل قبضه سواء بيع لمن باعه أولا أو لغيره.
أما إذا قبضه المشترى من البائع فلا يجوز بيعه له ثانية إلا بالثمن الذى اشتراه به أو أكثر منه، ولا يجوز بيعه بالأقل منه لأنه ربا.
3- أجاز المالكية تصرف المشترى فى المبيع قبل قبضه بالبيع سواء أكان المبيع عينا ثابتة أو منقولة أو طعاما بيع جزافا.
فإن كان الطعام مكيلا أو موزونا أو معدودا واشتراه كذلك فلا يصح تصرفه فيه قبل قبضه
Q من السيد/.
قال إنه تاجر أسمدة كيماوية يبيع الكيماوى لمدة سنة تقريبا فأقل فأكثر بثمن أكثر من ثمنه الحال - فإذا اشترى منه مشتر إلى أجل بثمن المؤجل وكتب الكمبيالة، وقبل أن يخرج من محله اشترى منه ما باعه له بالنقد بالسعر الحاضر، فهل فى هذا التصرف حرمة
صلى الله عليه وسلمn إن المنصوص عليه فى مذهب الحنفية كما جاء فى التنوير وشارحه الدر المختار أن شراء ما باع بنفسه أو بوكيله من الذى اشتراه بالأقل من قدر الثمن الأول قبل نقد كل الثمن الأول فاسد شرعا.
صورته باع شيئا بعشرة قروش ولم يقبض الثمن ثم اشتراه بخمسة لم يجز وإن رخص السعر للربا - وجاء فى حاشية رد المحتار تعليقا على ذلك قوله أى لو باع شيئا وقبضه المشترى ولم يقبض البائع الثمن فاشتراه بأقل من الثمن الأول لا يجوز - زيلعى - أى سواء كان الثمن الأول حالا أو مؤجلا هداية وقيد بقوله وقبضه لأن بيع المنقول قبل قبضه لا يجوز ولو من بائعه وعلل عدم الجواز بقوله لأن الثمن لم يدخل فى ضمان البائع قبل قبضه فإذا عاد إليه عين ماله بالصفة التى خرج عن ملكه وصار بعض الثمن قصاصا ببعض بقى له عليه فضل بلا عوض فكان ذلك ربح ما لم يضمن وهو حرام بالنص - زيلعى - وجاء فيه بعد ذلك فى (فصل فى التصرف فى المبيع والثمن قبل القبض) قوله ولا يصح بيع المنقول قبل قبضه ولو من بائعه وقوله بعد ذلك ولو باعه منه (أى من بائعه) قبله (أى قبل القبض) لم يصح هذا البيع ولم ينتقض البيع الأول لأنه يلزم عليه تمليك المبيع قبل قبضه وهو لا يصح.
مما سبق من النصوص يظهر أن الحنفية ذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع الأعيان المنقولة قبل قبضها سواء بيعت لمن اشتريت منه أو لغيره، أما إذا كان مشتريها قد قبضها من البائع فإنه لا يجوز له أن يبيعها له ثانية إلا بالثمن الذى اشتراها به أو أكثر منه ولا يصح بيعها إليه بأقل من الثمن الذى اشتراها به لأن ذلك ربا.
وذهب الشافعية إلى أنه لا يصح للمشترى أن يتصرف فى المبيع قبل قبضه ولو قبض البائع الثمن وأذن فى قبض المبيع، لأن بيعه إياه قبل القبض يقع باطلا حتى ولو كان ممن اشتراه منه لضعف الملك قبل القبض، فلا يصح التصرف فى المبيع بالبيع قبل القبض إلا فى ثلاث صور: 1- أن يبيعه لمن اشتراه منه بنفس الثمن الذى اشتراه به.
2- أن يتلف المبيع عند البائع، فإن للمشترى أن يبيعه له بمثله.
3- أن يشترى شيئا لم يقبضه وثمنه دين فى ذمة البائع، فإنه يصح له أن يبيعه لمن اشتراه من بنفس الثمن فى ذمة البائع الأول - أو يشترى شيئا لم يقبضه ويدفع الثمن فإنه يصح له أن يبيعه من بائعه بنفس الثمن فى ذمته، لأن البيع فى هذه الصور ليس بيعا حقيقة إنما هو إقالة بلفظ البيع أى نقض للبيع الأول.
وذهب الحنابلة إلى أن التصرف فى المبيع المنقول مكيلا كان أو موزونا أو معدودا بالبيع قبل قبضه لا يصح، وإذا باع المرء سلعة بثمن مؤجل أوحال ولم يقبضه فإنه يحرم على البائع أن يشتريها من الذى باعها إليه، فإن فعل وقع بيع المشترى لها ممن باعها إليه باطلا إذا اشتراها الأول ثانية بنفسه أو بوكيله وبثمن أقل من الثمن الأول ومن جنسه.
وذهب المالكية إلى أنه يصح للمشترى أن يتصرف فى المبيع قبل قبضه بالبيع سواء أكان المبيع أعيانا ثابتة كالأرض والنخيل أو منقولة، ويستثنى من ذلك الطعام كالقمح والفاكهة فإنه لا يصح بيعه قبل قبضه إذا كان قد اشتراه مكيلا أو موزونا أو معدودا، لورود النهى فى الحديث عن بيع الطعام قبل أن يكتاله أما إذا كان قد اشتراه جزافا فإنه يصح له أن يبعه قبل قبضه، لأنه بمجرد العقد يكون فى ضمان المشترى فهو فى حكم المقبوض.
مما سبق يتبين أن الأئمة الثلاثة عدا مالكا ذهبوا إلى أنه لا يجوز بيع المنقول مكيلا كان أو موزونا قبل قبضه، وكذلك الحكم عند الإمام مالك إذا كان المبيع طعاما مكيلا كان أو موزونا، أما إذا كان طعاما بيع جزافا أو كان غير طعام فإنه يجوز بيعه قبل قبضه خلافا لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة.
من هذا التفصيل يتبين أن البيع المسئول عنه غير صحيح عند الأئمة الثلاثة عدا مالكا، أما عنده فإنه بيع جائز لا شئ فيه.
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم