فقد كنت ألقيت محاضرة في بعض المساجد بمناسبة موسم الحج، تكلمت فيها على المناسك، ومنافع الإحرام والطواف والسعي، والوقوف والتلبية ونحوها، ثم إن بعض الإخوان قام بتفريغها من الأشرطة التي سُجلت بها، وعرضها علي، فأصلحت فيها الأخطاء التي نتجت عن الارتجال، وكمَّلت ما نقص منها كأعمال يوم النحر، وطواف الوداع، وأضفت إليها مقالاً كنت قد كتبته فيما يتعلق بزيارة المسجد النبوي، وختمتها بخاتمة تتعلق بالتوبة النصوح، وحال من أدى هذه المناسك بعد رجوعه، وعلامات قبول الحج أو رده، وما ينبغي أن يكون عليه بقية حياته، وذلك للحاجة الماسة إلى ذلك.
وأذنت بطبع هذه المحاضرة وما أضيف إليها، رجاء أن يعم النفع بها من أراد الله به خيراً، مع علمي بالقصور، وضعف المادة العلمية معي، وأن الكثير من أكابر العلماء قديماً وحديثاً قد كتبوا في المناسك وتوسعوا، أو اختصروا، وقلَّت الحاجة إلى إضافة شيء جديد، ولكن لكل مجتهد نصيب، وقد يكون فيما كتبته أو قلته تنبيه أو توضيح لشيء قد يخفى على البعض.
وقد رأينا كثرة الجهل في من يؤدي هذه المناسك، ووقوع المخالفات التي تقع من الجماهير، عن تقليد أو ظن خاطئ ثم بعد الوقوع يستفصل عن الحكم، فيقع في حرج ومشقة، وكان الأولى أن يتأكد من الأعمال قبل مباشرتها، فعلى المسلم أن يكون على بصيرة من دينه، وأن يحرص على براءة ذمته مما أوجب الله عليه، حتى يخرج من العهدة، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: