اعلم: أن الآجال والأرزاق _ كسائر الأشياء _ مربوطة بقضاء الله وقدره. فالله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر؛ ((ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)) . (سورة الأعراف، الآية: 34) .
فهذا أمر لا ريب فيه ولا شك. ومع ذلك، فهي أيضاً كغيرها: لها أسباب دينية، وأسباب طبيعة مادية، والأسباب تبع قضاء الله وقدره. ولو كان شيء سابق القضاء والقدر - من الأسباب -: لسبقته العين؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: ((العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)) . (أخرجه مسلم برقم (2188) . لقوتها ونفوذها.
فمن الأسباب الدينية لطول العمر، وسعة الرزق: لزوم التقوى والإحسان إلى الخلق، لاسيما الأقارب. كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: ((من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره _ أي يطيل عمره _ فليصل رحمه)) . (أخرجه البخاري برقم (2067) و (5986) . ومسلم برقم (2557) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ: (من سره) . وبرقم (2557) عن أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ: (من أحب)) .
وذلك: أن الله يجازي العبد من جنس عمله؛ فمن وصل رحمه: وصل الله أجله ورزقه، وصلاً حقيقياً.؟ وضده: من قطع رحمه، قطعه الله: في أجله وفي رزقه. قال تعالى: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب)) . (سورة الطلاق، الآية: 2) .
ومن الأسباب الدينية لقطع طول العمر: البغي والظلم للعباد. فالباغي سريع المصرع، والظالم لا يغفل الله عن عقوبته، وقد يعاقبه عاجلاً بقصم العمر.
ومن الأسباب الدينية لمحق الرزق: المعاملات المحرمة كالربا والغش، وأكل أموال الناس بالباطل، فصاحبها يظن _ بل يجزم _: أنها توسع عليه الرزق. ولهذا تجرأ عليها. والله تعالى يعامله بنقيض قصده. قال تعالى: ((يمحق الله الربى ويربي الصدقات)) . (سورة البقرة، الآية: 276) .