وأجاب الذين قالوا إنه لا يزكى منهم -شيخنا الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، فإنه يختار أنها لا تزكى - أجابوا بالمقال الذي في عمرو بن شعيب، وأجاب بعضهم بأن هذه الزكاة مجملة، فلا يدري ما هي، فيمكن أن زكاته عاريته، ويمكن أن زكاته ضمه إلى غيره، ويمكن أن زكاته استعماله فيما اشترى لأجله وما أشبه ذلك، وهذه كلها تخمينات لكن قالوا: إنه مجمل، ولا ندري هل بلغ النصاب أم لا، سوى ما كان على طفلة قد يكون عمرها خمس سنين، فهل تبلغ النصاب أم لا، فأفاد هذا بأن لفظة الزكاة في هذا الحديث مجملة.
ومما استدلوا به أيضاً على وجوب الزكاة حديث عائشة رضي الله عنها وهو صحيح مروي في السنن وفي المسند، قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدي فتخات من فضة، والفتخات واحدها فتخة وهي الخواتيم، قال لها: "ما هذا يا عائشة؟ " فقالت: أردت أن أتجمل لك به؟ فقال: "أتؤدين زكاته؟ " قالت: لا. فقال: "هو حظك من النار" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وهذا أيضاً مما استدلوا به، وهو صريح وثابت ولا مطعن فيه. ولكنه مشكل أيضاً من حيث إنه لم يعين نصاب الزكاة، فلعل زكاته عاريته أو نحو ذلك.
ولكن المشايخ قالوا: لا نأخذ بالتأويلات ونرد اللفظ الصريح، فلأجل ذلك يختارون ويرجحون أنه يزكى إذا بلغ النصاب.
ومما استدلوا به أيضاً: الآية الكريمة في سورة التوبة: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) (التوبة:34) . وقال ابن عباس رضي الله عنه: كل مال أديت زكاته فإنه ليس بكنز. وكانت أم سلمة تلبس أوضاحاً من ذهب. فقالت: يا رسول الله! أكنزٌ هو؟ قال: "إذا أدّيتِ زكاته فليس بكنز". أخرجه أبو داود وصححه الحاكم.