كثير من الفقهاء قالوا: إنه لا يزكى وما ذاك إلا أنه معدُّ للاستعمال؛ ولأنه لا يتنامى، ولأن المرأة تقتنيه لتتجمل به، فهو ملحق بثيابها وبأكسيتها، وملحق أيضاً بالأواني التي تستعمل للطبخ وللشرب، وما أشبه ذلك ولو كانت ثمينة، وملحق بما يستعمل من الفرش ومن الوسائد وما أشبهها، فهو مستعمل هكذا قالوا، وإذا كان كذلك فليس فيه زكاة كسائر المستعملات لا سيما وهو لا يتنامى.
واستدلوا أيضاً بأن خمسة من الصحابة نقل عنهم أنهم لا يزكون الحلي، منهم عائشة رضي الله عنها كانت تحلي بنات أخيها محمد بن أبي بكر ولا تزكيه. ومنهم أختها أسماء رضي الله عنها، كانت عندها حلي لها ولبناتها ولا تزكيه. ومنهم جابر بن عبد الله رضي الله عنه فقد روى عنه أنه قال: ليس في الحلي زكاة. هكذا روي عنه موقوفاً وهو صحيح. ورواه بعضهم مرفوعاً ولكنه خطأ. فجماعة من الصحابة ذهبوا إلى أن الحلي لا زكاة فيها قياساً له على سائر المستعملات، وقد أيد هذا القول كثير من العلماء، وقد كتب فيه الشيخ عبد الله المنيع واختار أنه لا يزكي، وكتب فيه أيضاً الدكتور إبراهيم الصبيحي واختار أيضاً أنه لا يزكي، وكتب فيه بعض الأخوة مثل: فريح البهلال، وعبد الله الطيار، وكلامه فيه متوقف.
ويختار شيخنا الشيخ ابن باز وابن عثيمين أنه يزكى، ويستدلون بحديث عبد الله بن عمرو أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: "أتؤدين زكاة هذا" قالت: لا. قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار"، فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله.
وقد روي هذا الحديث من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، فلما كان هذا الحديث مقبولاً فلا عذر لنا في ترك العلم به لصحته وصراحته.