ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم، يطلبون منه الدعاء في حياته بالغيث، وإنزال المطر، ورفع العذاب، وبالمغفرة والجنة، وبسعة الرزق، وطيب الحياة، فيدعو الله لهم ويجيب الله دعوته؛ لكرامته عليه، ولفضله وشرفه، وليكون ذلك من جملة معجزاته، فأما بعد موته فلم يطلبوا منه شيئاً من ذلك أبداً؛ بل لما قحطوا عام الرمادة توسلوا بعمه العباس رضي الله عنه؛ لشرفه وكبر سنه وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم، فطلبوا من الله أن يجيب دعوته لهم لأنه حي موجود بينهم، ولم يتوسلوا بالنبي لله؛ لأنهم عرفوا عدم جواز ذلك، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

خامساً: لا يجوز الإقسام بذات الرسول صلى الله عليه وسلم على الله، أو السؤال بحقه أو بجاهه:

ثم قال هذا الكاتب في السطر السابع:

[ (التوسل) كلمة التوحيد لا تتم إلا بمحمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يتهم بالشرك من توسل به إلى الله؟ لك أيها المسلم العاقل أن تتوسل إلى الله بكل ما يحبه الله…الخ] .

والجواب:

نقول: نعم! لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله إلا بشهادة أن محمداً رسول الله، ذلك لأنه الذي دل على التوحيد ودعا إليه، ولأن الله تعالى نوَّه برسالته كما في قوله تعالى: ((محمد رسول الله)) (الفتح:29) . وقوله: ((قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً)) (الأعراف:158) .

وقد فسرت هذه الشهادة بأنها: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يُعبَد الله إلا بما شرع.

وفسرت الشهادة له بالعبودية والرسالة: بأنه عبد لا يُعبَد، ورسول لا يُكذَّب؛ بل يطاع ويُتَّبَع، فليس معنى هذه الشهادة أو من مستلزماتها التوسل بذاته وسؤال الله بجاهه ونحو ذلك.

فأما قوله: [فكيف يتهم بالشرك من توسل به إلى الله؟] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015