أن يقال: مراده بالوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومن انتفع بدعوته السلفية رحمهم الله، وقد علم أنه رحمه الله لم يأت بجديد، وإنما جدد للناس ما اندرس من معالم التوحيد الذي هو حق الله على العبيد؛ حيث خرج في مجتمع قد غلب عليه الشرك ووسائله: كعبادة الأموات، وعمارة ما يسمى بالمشاهد برفع قبور الصالحين والأولياء، وبناء القباب عليها، وتحري الصلاة عندها، بالعكوف حولها، وبالذبح لها تعظيماً واحتراماً، وبإيقاد السرج عليها طوال الليل، وبالنذور، والهدايا إلى تلك الضرائح، وتعليق الرجاء عليها، والهتاف بأسماء الأموات، وندائهم ودعائهم مع الله، كقبر: شمسان، وتاج، ويوسف، وزيد بن الخطاب، ونحوهم، فَبيّن لأهل زمانه أن حقهم علينا محبتهم وأتباعهم، والعمل مثل أعمالهم. فأما الدعاء، والرجاء، والذبح، والنذر، فهو خالص حق الله، وأورد لهم النصوص الصريحة في مصادمة ما فعلوه للتوحيد، كقوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله". مع قوله تعالى: ((فصل لربك وانحر)) (الكوثر:2) أي: خصَّه وحده بالصلاة والنحر، فمتى صلى أحد أو نحر لغير الله فقد أشركه في حق الله، وبين لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فقال قبل أن يموت بخمس: "ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك".
وقال وهو في سياق الموت: "لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر ما صنعوا.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج". ودعى ربه فقال: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". والمعنى: أن الأولين أشركوا حيث تحروا الصلاة عند قبور الأولياء والأنبياء، فكل موضع قصدت الصلاة فيه فهو مسجدٌ، لم يُبْنَ مسجد له منبر موجه إلى القبلة، فإن المسجد ما يتخذ للركوع والسجود فيه.