وممن كتب في أشراط الساعة: ابن كثير رحمه الله في آخر كتابه التاريخ، لما انتهى من البداية أتى بالنهاية، وذكر أشراط الساعة وتكلم عليها، ومع الأسف نسخت طبعة من الطبعات حققها بعض المغرضين من أهل الشام ويقال له (أبو عبية) ثم إنه حرفها، وعلق عليها تعليقات بعيدة، وذلك لأن عقله لم يكن متسعاً لتلك الأمور الغيبية، ولما كثرت عليه تلك الأدلة وتنوعت أخذ يتنوع في بعضها، فبعضها يرده بأن يضعفه ولو كان صحيحاً، وبعضها يرده بأن يحمله محملاً بعيداً، وما أشبه ذلك.
فمن أشهر علامات الساعة، أو أشراطها: خروج المسيح الدجال، وقد تكاثرت فيه الأدلة، والأخبار فيه متواترة حتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يستعاذ في الصلاة من فتنة المسيح الدجال، وأخبر بأنواع من فتنته؛ فأخبر بأنه أعور، وأن الله ليس بأعور، وأخبر بأنه يعيث يميناً وشمالاً، وأخبر بمدته التي يمكثها في الأرض، وأخبر بأنه يسير فيها سيراً حثيثاً، وأخبر بأنه يأتي أهل القرية والمدينة فيطيعونه، فإذا أطاعوه وصدقوه أصبحوا وقد نزلت عليهم البركات، والذين يعصونه تنزل عليهم النقمات - وهذه فتنة من الله، وأنه لا يدخل مكة ولا يدخل المدينة ... إلى آخر ذلك، والأحاديث كثيرة.
ثم إن (أبا عبية) حمل الدجال وتأوّله على أنه الشر؛ قال: (الدجال هو الشر أو الشرور، أو المعاصي، أو المخالفات) ، وكذب؛ إنه شخص إنسان حي متحرك، فجعله معنوياً، وأخذ يتكلف في رد هذه الأحاديث ويصرفها مصارف بعيدة، وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه.