وهذا ليس ببعيد، فقد ذكر في الحديث؟ أنه أسري به على دابة يقال لها: (البراق) وأنها تضع حافرها عند منتهى طرفها -يعني من سرعة سيرها، فلا يستبعد ذلك، وقد وجد في هذه الأزمنة الطائرات التي تقطع هذه المسافة في زمن قليل، فلا يستبعد أن الله تعالى سخر له هذا البراق الذي قطع هذه المسافة في زمن يسير.

فالحديث معروف، وقصة الإسراء التي في الصحيحين وفي غيرهما مشتهرة، وأنه صلى الله عليه وسلم أتاه الملك، وأنه أركبه على البراق، وخرج من المسجد الحرام، ووصل إلى مسجد إيليا -المسجد الأقصى- وأنه وجد الأنبياء وأنه أمهم ثم بعد ذلك عرج به إلى السماء. والمعراج أشير إليه بأول سورة النجم، فإن الله تعالى ذكر فيها الإشارة إلى المعراج في قوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى) (النجم:13-15) ، أنه عرج به إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى وأنه رأى من آيات ربه الكبرى، وأن الله أراه وأطلعه على تلك الآيات، وهذا ما أشير إليه في الأحاديث.

وبكل حال نصدق بالإسراء ولو استبعده من استبعده، فإنه ليس ببعيد، وليس بمستغرب على قدرة الله، فالله على كل شيء قدير، وكما قال أبو بكر: (إني أصدقه في أعجب من ذلك في خبر السماء) ، إذا كان الملك ينزل إليه في لحظات، ويقطع هذه المسافة فلا غرابة أن يعرج به وينزل في جزء من اليلة، لا غرابة في ذلك، فعلى كل حال هذا مما يؤمن به أهل السنة والجماعة، ونعتقد كذلك أنه كان يقظة لا مناماً؛ لأن الإنسان يرى في نومه أنه قطع المسافات، وأنه ذهب إلى كذا، وأنه رجع إلى كذا، وهو لم يزل على فراشه، ولا يستغرب ذلك، فلو كان مناماً لما أنكرته قريش وأكبرته، ولما صار فيه معجزة أو غرابة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015