هذا الفرق بين المسلمين وبين الفلاسفة، وهم يقرون بالإلة، ويقرون بأن هذا الخلق مخلوق وله خالق مدبر، وإن كان اعترافهم بذلك عن طريق العقل لا عن طريق النقل اعترف بذلك كبيرهم الذي يرجعون إليه والذي يقال له: أرسطو، ويسمى عندهم (المعلم الأول) ، وله مؤلفات موجودة مطبوعة تباع بأغلى الأثمان مشتملة على هذه العقائد السخيفة، وتبعه من المسلمين أكابر الفلاسفة كابن سينا، ومع الأسف لا يزال مقدساً عند كثير من المنتمين إلى الإسلام، وكذلك الفارابي، وسمي عندهم (المعلم الثاني) ، وكلهم من غلاة الفلاسفة الذين ينكرون الغيب.
وهناك طائفة (السمنية) ذكروا أنهم ينكرون ما لا يدركون بإحدى الحواس، لا يقرون إلا بما أدركوه بحاسة من الحواس الخمس وهم الذين ناظروا جهماً في ربه، حيث لقي طائفة من السمنية، فسألوه: هل لك رب؟ قال: نعم. فقالوا له: هل رأيت ربك؟ قال: لا. قالوا: هل سمعت صوته وكلامه؟ قال: لا. قالوا: مسسته بيديك؟ قال: لا. قالوا: هل شممت رائحته؟ قال: لا. قالوا: إذن هو معدوم. فبقي متحيراً، ثم إنه تذكر وقال لأحدهم -وهو رئيسهم-: هل لك روح؟ أو هل لك عقل؟ فقال: نعم. قال: هل رأيت عقلك أو روحك؟ قال: لا. قال: هل شممته؟ هل مسسته، أو ذقته؟ هل سمعته؟ قال: لا. فقال: إذاً ليس لك عقل أو ليس لك روح. فعند ذلك رجعوا إلى أن يقولوا هذا القول المبتدع، فاعترفوا بالرب ولكنهم وصفوه بصفات لا يثبت معها إله معبود، أو رب معبود.
هذه الطائفة ينكرون ما سوى المحسوسات، لكن طائفة الفلاسفة أخص من هؤلاء؛ فالفلاسفة قسمان:
أ- فلاسفة طبيعيون؛ وهم الذي ينكرون الخلق والخالق ويقولون: إن هذه طبيعة، وإن هذا الوجود طبيعة، هكذا وجدت ولا يتغير عن الطبيعة وقد أنشد الشيخ الحكمي رحمه الله في قصيدته الجوهرة الفريدة قوله:
ولا نُصيخ لعصري يفوه بما يُناقض الشرع أو إياه يعتقد