وفي آية أخرى قال تعالى: (وجوه يومئذ مسفرة) (عبس:38) أي أضاءت واستنارات، والإسفار هو الضياء، مسفرة يعني عليها آثار هذه الإضاءة، أما الوجوه الأخرى فإنها قال الله تعالى عنها: (عليها غبرة * ترهقها قترة) (عبس: 40-41) .

فإذن هذه وجوههم التي وصفها الله أنها ناظرة، والكلمتان في الآيتين لفظهما واحد، ولكن خطهما مختلف (وجوه يومئذ ناضرة) (القيامة:22) مكتوبة بالضاد؛ أي ذات نضرة، مثل قوله تعالى: (ولقاهم نضرة وسروراً) (الإنسان:11) أي ذات نضرة وبهاء وسرور، (إلى ربها ناظرة) (القيامة:23) هذه كتبت بالظاء المشالة؛ من النظر الذي هو المعاينة.

قال بعض العلماء: نظروا إلى ربهم فنضرت وجوههم، يعني استنارت وأسفرت وابتهجت بهذا النعيم. فهذا هو دليلهم، أورد المؤلف رحمه الله هذين الدليلين من القرآن وذكر أن الرؤية تكون في الآخرة.

وقد ورد أيضاً في الأحاديث ما يدل على أن الجميع يرون ربهم يوم القيامة عندما ينزل لفصل القضاء، ويقول: (من كان يعبد شيئاً فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم) وفي هذا أنهم يرونه جميعاً؛ المنافقون والمؤمنون -كما يشاء. قال تعالى: (يوم يُكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) (القلم:42) قيل: إنهم يسألونه علامة، فيكشف عن ساق، فعند ذلك يعرفون أنه ربهم فيسجدون.

فهذا قد استدل به على أنهم يرونه في القيامة، ولكن هي رؤية ابتلاء وامتحان، أما الرؤية التي هي رؤية لذة، وبهجة، ونعيم فإنها في الجنة، وقد ذكر العلماء أن المقربين يرون الله بكرة وعشيا، وأن الأبرار يرونه كل جمعة؛ أي في كل أسبوع.

قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015