فكل من حُجب عن رؤية ربه فإنه معذب، فحجبه عن ربه عذاب له وأي عذاب، وقد استدل بهذه الآية الشافعي رحمه الله، وهو أشهر من استنبط منها رؤية المؤمنين لربهم وحيث ثبت أن الكفار محجوبون عن ربهم فأنه يدل على أن المؤمنين من أهل الجنة غير محجوبين عن ربهم بل يرونه فلو كان لا يراه أحد لم يكن هناك فرق بين المؤمنينوالكفار، ولكان الجميع كلهم محجوبين عن ربهم، فالحجاب هو أن يكون بينهم وبينه حاجب، وحاجز لا يرونه، فإذا كان هؤلاء يرونه كانوا غير محجوبين، وهؤلاء لا يرونه فهم المحجوبون، وهذا دليل واضح.

وأما الآية الأولى فهي أصرح الآيات التي استدل بها أهل السنة، وهي قوله تعالى: (كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة) (القيامة:20-21) يخاطب الكفار: تحبون العاجلة؛ وهي الدنيا، وتذرون الآخرة ولا تتنافسون فيها، ثم ذكر أقسام الناس في قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة * ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة) (القيامة: 22-25) ، الوجوه الأولى وصفها بأنها ناضرة؛ أي ذات نضرة وبهاء وسرور، وجوههم مسفرة مستنيرة؛ لأنهم يرون ربهم، (إلى ربها ناظرة) أي تنظر إلى ربها نظر عيان، ففي هذه الآية نسبة الرؤية إلى الوجوه، وذلك لأن الوجوه هي محل النظر، ولما أن نظرت الوجوه إلى ربها أشرقت وأسفرت.

وكثيراً ما يصف الله وجوه أهل الجنة بصفات تظهر عليها، وذلك لأن الوجه هو محل التأثر، وإذا كان مسروراً رأيت وجهه مستنيراً، وإذا كان حزيناً رأيت وجهه مكتئباً، فوصف الله أهل النار بقوله: (وجوه يومئذ خاشعة) (الغاشية:2) يعني ذليلة، ثم قال تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة) (الغاشية:8) ، يعني منعمة، هكذا وصفهم الله بهذه الآية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015