قبح له كيف ينبذُ الكتاب ويستدل بقول الأخطل، فعلى هذا كيف يكون كلام الأخطل دليلاً على مسألة الكلام، وأن الكلام هو المعنى دون اللفظ، فالعرب لا تنسب للساكت كلاماً، ولو كان يحدث نفسه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها؛ ما لم يتكلموا أو يعملوا به) ، ولما قال له بعض الصحابة: (إن أحدنا ليجد في نفسه لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: (الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) .
مسألة: عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن الكريم
وقوله:
وهو سورٌ محكمات، وآيات بيناتٌ، وحروفٌ وكلمات، (من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات) له أول وآخر، وأجزاء وأبعاض.
شرح:
هذا الوصف مشاهد في مصاحف المسلمين، أنه مائة وأربع عشرة سورة، وأن كل سورة فيها عدة آيات، وأطولها سورة البقرة مائتان وست وثمانون آية، وأقصرها سورة الكوثر ثلاث آيات، وسورة العصر ثلاث آيات، وسورة النصر ثلاث آيات، ومنها ما هو فوق المائتين كالأعراف والشعراء.
الحاصل أنه سور وآيات، وأن الصحابة جزَّءوه إلى ثلاثين جزءاً؛ يعني قسموه تقاسيم متقاربة، وجعلوه ثلاثين جزءاً، وجعلوه أحزاباً؛ كل جزء جعلوه حزبين، ومعروف أيضاً أن بعض العلماء اشتغلوا بعدّ آياته، فذكروا أن آيات القرآن أكثر من ستة آلاف آية، واشتغل بعضهم بعدّ كلماته، والكلمة هي القول المفرد، واشتغل بعضهم بعدّ حروفه؛ أن هذه السورة كذا وكذا حرفاً، وهذه الآية كذا وكذا حرفاً، وهذا دليل على أنه سور، وبكل سورة آيات وأجزاءٌ، وحروف، وكلمات.