وهنا أيضاً من التأكيد على السنة قوله: (عضوا عليها بالنواجذ) بعد قوله: (تمسكوا بها) ، وهذا كله حث على العمل بها، فإن التمسك في الأصل الإمساك باليدين، وقد ينفلت منك الشيء الذي أمسكته بيديك، فتحتاج إلى زيادة توثق، وليس عندك إلا أسنانك بل أقاصي أسنانك، وهي النواجذ (عضوا عليها بالنواجذ) أي مع تمسسككم بها باليدين زيدوا على ذلك العض عليها بأقاصي الأسنان، ليكون ذلك أقرب إلى الثبات عليها، وكأنه استشعر أن هناك من يزعزعك عن هذه السنة، ويسعى في تفلتك منها، ويخذلك لكي تتركها وتتخلى عنها؛ من دعاة السوء والباطل وأهل الشبهات والتشكيكات ونحوهم، فكأنه لما علم كثرة الفتن التي توهن التمسك بالسنة أمر بشدها بقوة، وأمر بإمساكها إمساكاً قوياً.

والسنة في الأصل: هي الطريقة التي يسار عليها، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هي الشريعة التي بلغها، وتطلق على أقواله وأفعاله وتقريراته، وتطلق على الشريعة التي جاء بها على أنها من دينه الذي أُرسل به، وتطلق على الأحاديث التي هي موضحة للقرآن، فيقال: القرآن هو كتاب الله، والسنة هي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولكن الأصل أن السنة هنا هي الشريعة التي كان عليها (عليكم بسنتي) يعني ما أنا عليه وما أعمله، وما أقوله، وما بلغتكم به من هذه الشريعة، سواء في الاعتقادات أو في الأعمال كل ذلك من السنة فسيروا على نهجه، واعملوا بما يعمل به، وبذلك تصلون إلى سبيل النجاة.

والخلفاء الراشدون معروفون، وسموا بذلك لأنهم خلفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ خلفوه في الولاية، وفي التبليغ، وفي الأعمال، فبلغوا ما بلغ -رضي الله عنهم- وساروا على نهجه وألزموا أنفسهم أن لا يتركوا شيئاً مما كان يعمل به النبي صلى الله عليه وسلم إلا عملوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015