وقد شرح هذا الحديث ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، وذكر جملة من المواعظ التي نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد أجمل الصحابي رضي الله عنه في هذا الحديث تلك الموعظة، فكأنهم استشعروا أنها توصية أو أنها توديع، فلذلك قالوا: (موعظة مودع) كأنك تودعنا، ويكون ذلك في آخر حياته صلى الله عليه وسلم، ولا نطيل فيما يتعلق بالحديث.

ولكن يهمنا قوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) هذا حث على التمسك بها، فإن كلمة عليكم أمر كقوله تعالى: (عليكم أنفسكم) (المائدة:105) فمعناه الزموا سنتي وسيروا عليها، وتمسكوا بها، وانهجوا نهجها، واعملوا بها حسب استطاعتكم، هكذا ذكروا أن هذه اللفظة: (عليكم بكذا) تقتضي الأمر، أو الالزام أن التأكيد فأنت إذا قلت مثلاً: عليك بقراءة القرآن فإنك تحث عليها، أو تنهى عن شيء تقول مثلاً: عليك بالبعد عن الفواحش، فكلمة (عليك بكذا) تقتضي الأمر. وكلمة (إياك وكذا) تقتضي الزجر.

واقتصر على (إياكم ومحدثات الأمور) دون أن ينهى عنها، فلم يقل: اتركوها، ابتعدوا عنها؛ لأن كلمة (إياكم ومحدثات الأمور) أبلغ من اتركوها، وإذا قلت مثلاً: إياك وأصحاب السوء إياك وقرين السوء إياك وجلساء السوء معناه: احذرهم وابتعد عنهم، فإياكم ومحدثات الأمور أي ابتعدوا عنها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015