فقوله: (لا كيف) على ظاهره، يعني لا نخوض في الكيفية، وقوله: (ولا معنى) يراد به الكنه، أي ولا نتدخل في كنه الصفة وماهيتها، وما هي عليه، وأما المعنى الظاهر الذي تفسر به الكلمة فإنه معلوم للأمة، ولو لم يكن معلوماً لكان يخاطبهم بكلام لا يفهم كأنه أعجمي وهم عرب، وقد نزهه الله تعالى عن ذلك، فقال تعالى: (ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي) (فصلت:44) ، وأخبر بأنه بلسان عربي مبين، ولما قال المشركون (إنما يعلمه بشر) (النحل:103) رد عليهم بقوله تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) (النحل:103) .
فلا يليق أن يكون الرسول وهو عربي ويخاطب العرب، ثم يخبرهم بشيء لا يدرون معناه، فلا بد أنا نعرف المعنى، ولكن نتوقف عن الكيفية، وعن الماهية، ونتقبل كل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم: فلا نكون من الذين يقولون: (نؤمن ببعض ونكفر ببعض) (النساء:150) ، وهؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: (أولئك هم الكافرون حقاً) (النساء:151) فالواجب ألا نرد شيئاً من المقالات التي قالها الرسول صلى الله عليه وسلم مع ثبوتها، بل نثبتها، ولا نرد شيئاً ولا نزيد من عند أنفسنا شيئاً لا دليل عليه.
هذه هي طريقة أهل السنة، فطريقتهم نفي التشبيه، وإثبات الصفات بلا تشبيه، عملاً ببعض الآية التي ردت على الطائفتين المتطرفتين؛ طائفة مشبهة رد الله عليهم بقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) (الشورى:11) ، وطائفة معطلة رد الله عليهم بقوله تعالى: (وهو السميع البصير) (الشورى:11) فكل طائفة منحرفة يوجد ما يبطل قولها في كلام الله تعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقوله:
(بلا حد ولا غاية) .
شرح: