فإذا قيل إن الراسخين يعلمون التأويل؛ فالمراد بالتأويل: التفسير الذي تفسر به الكلمة ويشرح به معناها، وإذا قيل: إن التأويل لا يعلمه إلا الله؛ فالمراد: حقائق الأشياء وماهيتها وما هي عليه، يعني كيفية البعث، وكيفية الحشر، وكيفية نصب الموازين وكيفية نشر الصحف، وماهية تلك الصحف، وما مقدار المسافة، وكم في كل كتاب من صفحة ومن سطر، أو من كلمة. فكيفية ذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وهكذا أيضاً: ما أخبر الله به عن الجنة وأنهارها وأشجارها وثمارها وقصورها، كل ذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، يعني ماهيته وكيفيته وحقيقته التي هو عليها.
النوع الثالث: اصطلح المتأخرون من الأصوليين وأهل الكلام على أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بدليل يقترن به، إذا قالوا: هذه الآية تحتاج إلى التأويل أو لابد من التأويل أو نخوض في التأويل؛ فمرادهم بالتأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره، فإذا قالوا: (استوى على العرش) ، يعني استولى؛ هذا تأويل حملنا عليه الفرار من التجسيم -كما يقولون- أو (استوى على العرش) استوى على الملك؛ هذا تأويل حملنا عليه الفرار من التشبيه.
وهذا اصطلاح جديد حادث في القرون المتأخرة؛ فما كان السلف يعرفون في الاصطلاح أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بدليل يقترن به، بل التأويل عندهم هو المعنيان الأولان، أنه بمعنى التفسير أو أنه بمعنى الحقائق التي يؤول إليها الأمر..
مسألة: قول الإمام أحمد رضي الله عنه في الصفات
قوله: