فمثلاً القبوريون: قد يستدلون بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) (المائدة:35) ويقولون: المراد: التوسل بالأموات إلى الله ودعاؤهم ليكونوا وسائط، وهذا من اتباع المتشابه، قال تعالى: (ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) (آل عمران:7) .

كذلك قد يستدلون بقوله تعالى: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) (الإسراء:57) ، فيقولون: إن هؤلاء ممدوحون أنهم يتوسلون بأيهم أقرب إلى الله تعالى فيبتغون إليه الوسيلة، ولا شك أن هذا صرف للمعنى عن المتبادر منه، فهذا من اتباع المتشابه، وهو أيضاً مما يوقع في الفتنة فالوسيلة هي القربة أي يتوسلون إلى رضاه بالقربات وأنواع الطاعات.

ونجد مثلاً أن المعتزلة قد يستدلون على نفي الرؤية بقوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) (الأنعام:103) وبقوله تعالى لموسى (لن تراني) (الأعراف:143) وهذا المتشابه، وسيأتينا الإجابة عنه عند الكلام على الرؤية، فمثل هؤلاء يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.

وقد ذكرنا أن أكثر النفاة يعتمدون قوله تعالى في آية الشورى: (ليس كمثله شيء) (الشورى:11) ويجعلونها عمدتهم في نفي الصفات، ويقولون: إذا أثبتنا لله تعالى سمعاً، فقد شبهنا، والله سبحانه ليس كمثله شيء، وكذا إذا أثبتنا له صفة البصر، وغيرها، فيعتقدون أن إثبات الصفات تشبيه، وهذا من ابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل، وهو طريق الذين في قلوبهم زيغ.

فالله تعالى حجبهم عن ما أمّلوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه في هذه الآية، يقول تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) (آل عمران:7) قطع لأطماعهم. والكلام في تفسير هذه الآية معروف في كثير من أصول التفسير، وأصول الفقه ونحوها، وكذا الخلاف: هل الراسخون يعلمون تأويله؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015