والصحيح أن آيات الصفات من المحكم وليست من المتشابه، وذلك بالنسبة إلى مدلولها، أي إنها دالة على صفات، وأن تلك الصفات مفهومة المعنى إلا أن الكيفية التي هي عليها من المتشابه، فالذين يأخذون تلك الآيات ويجعلونها دالة على التشبيه؛ هؤلاء يبتغون الفتنة، ويبتغون تأويله، وكذلك غيرهم، وبكل حال: هذا مقصد سيئ (ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) (آل عمران:7) .

قوله:

فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه: (وما يعلم تأويله إلا الله) (آل عمران:7) .

شرح:

جعل علامة زيغهم أنهم يبتغون تأويله، وكذلك أيضاً: يبتغون الفتنة، وقرن ابتغاء الفتنة بابتغاء التأويل، والفتنة هي فتنة الناس عن دينهم، يريدون أن يفتنوا أهل السنة حتى يضلوهم، يريدون أن يفتنوا الجهلة حتى يخدعوهم عن ما هم عليه، ويصرفوهم إلى معتقدات سيئة، فهذه الفتنة كم افتتن بها من الجهال؟

ولا يزالون إلى هذا اليوم، لا يزال دعاة الضلال يشبهون ويموهون على الجهال حتى يحرفوهم ويصرفوهم عن معتقد أهل السنة، كثير من دعاة الضلال لا يزالون في كل مكان إذا جاءتهم الآيات جعلوها في جانبهم، وأخذوا يفسرون مدلولها على ما يذهبون إليه، وقالوا: هذه دالة على مذهبنا ونحن على حق، أو صواب. وهم في الحقيقة بعيدون عن الصواب، وقصدهم دعوة الناس إلى المعتقد الذي هم عليه؛ وذلك لأن كل من اعتقد عقيدة زين له أنها هي الصواب، فإن كان صوفياً دعا إلى تصوفه، وإن كان قبورياً دعا إلى تعظيم القبور ونحوها، وإن كان معتزلياً أو قدرياً أو جبرياً أو مرجئاً أو رافضياً أو مبتدعاً أي بدعة، فإنه يخيل إليه أن غيره على خطأ، وأنه هو المصيب، فلأجل ذلك: يحرص على أن يجد أدلة يستظهر منها الدلالة على ما هو عليه حتى يفتن الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015