الصفة الثانية: العلم، وقوله: (وسع كل شيء رحمة وحلماً) ، وسع كل شيء رحمة، ووسع كل شيء حلماً؛ معلوم أن السعة والاتساع والتفسح بمعنى واحد. وسع يعني امدَّ إلى ما لا نهاية له، فالله تعالى وسع سمعه الأصوات، ووسع علمه المعلومات والمخلوقات كلها، ووسعت رحمته المخلوقات يعني اتسعت رحمته، فرحم الخلق كلهم أولهم وآخرهم، وكذلك اتسع حلمه للخلق كلهم فحلم عنهم كما يشاء.

ومعروف أن هذه الصفات الفعلية كصفة الرحمة، وصفة الحلم مما يثبتها أهل السنة، أما الأشاعرة ونحوهم فينكرون الصفات الفعلية كالرحمة والحلم ونحو ذلك.

فمن أسماء الله تعالى: (الحليم) وقد ورد في عدة آيات، منها قوله تعالى: (إنه كان حليماً غفوراً) (الإسراء:44) ، والحليم هو الذي لا يعجل، الحليم الذي يحلُم عن الخلق بمعنى أنه لا يعاقبهم؛ أي يعفو عنهم ولا يعاجلهم بالعقوبة. والحليم من الناس هو المتأني؛ يقال: فلان معه حِلْم، يعني تأن في الأمور، وتثبت، وعدم تسرع، وعدم معاجلة بالعقوبة على أية ذنب صغير أو كبير، بل يحلُم عن هذا.

حَلُمت عن فلان لما ظلمني، ولما أساء إليَّ، أنا أحلُم عمن ظلمني؛ لا أستعجل العقوبة لمن أساء إليًّ فالحلم صفة شريفة، وإذا كانت من أفضل الصفات، فالله تعالى متصف بكل الصفات التي هي صفات الكمال هذا هو معنى الحلم.

الصفة الثالثة: القهر. وقوله: (وقهر كل مخلوق عزة وحكماً) . انظر كيف فرق؛ هناك (رحمة وحلماً) لما ذكر السعة، وهنا (عزة وحكماً) لما ذكر القهر.

القهر هو القوة والغلبة؛ قهرها يعني غلبها وقوي عليها، واستولى عليها، وصارت تحت سلطانه وتحت سيطرته، وتحت تصرفه لا تملك لنفسها أي نوع من أنواع التصرف إلا بإذن الله تعالى؛ فهي مخلوقة وذليلة ومهينة، فالله تعالى هو الذي يتصرف فيها كما يشاء ولا يخرج أحد عن قهر الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015