والممثلة هم الذين يقولون: إن صفات الله كصفات المخلوقين، فيجعلون لله يداً كيدنا، ولله وجهاً كوجهنا، ولله قدماً كقدمنا، ولله كذا وكذا؛ تعالى الله عن ذلك، فرد الله عليهم بهذه الآية، وبآيات أخرى كقوله تعالى: (هل تعلم له سمياً) (مريم:65) يعني شبيهاً ومثيلاً، وكقوله تعالى: (فلا تضربوا لله الأمثال) (النحل:74) ، وينزه الله تعالى نفسه عن أن يكون له مثل.

وقد تكلم العلماء على هذه الآية، وقالوا في (كاف) (ليس كمثله) : إن الكاف صلة لتأكيد النفي، وأن المراد بالمثل الذات كما يقولون لمن يمدحونه: مثلك لا يغضب، ومثلك يحكم، ومثلك يعطي، يريدون أنت، فالمعنى: ليس كهو شيء، ليس شيء كهو أي مماثلاً له.

وعبر بعضهم بالزيادة في قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) أن الكاف زائدة حتى لا يفهم أن لله مثلاً، يعني أنه قد يخاف أن لله تعالى مثلاً، فيقال: ليس مثل مثل الله شيء، والصحيح أنه لا يقال في القرآن زائد، ولا لغو، فالقرآن كله حق، وكل حرف منه فيه فائدة، فإذاً نقول: إن الكاف صلة لتأكيد النفي، نفي المثلية، وسمعت من بعض المشايخ في التعبير عن الزيادة يقال:

وسم ما يزاد لغواً أو صله أو قل مؤكدا وكل قيل له

لكن زائداً ولغواً يجتنب إطلاقه في منزل فذا وجب

يعني أنه يعبر عنها بأربع عبارات: زائد، أو لغو، أو صلة، أو مؤكد، ولكن لا يطلق في القرآن كلمة زائد تنزيهاً للقرآن أن يكون فيه شيء زائد يمكن الاستغناء عنه، ومع ذلك تجدون كثيراً من المفسرين يطلقون فيه الزيادة، ومنهم صاحب تفسير الجلالين جلال الدين المحلي عندما أتى على هذه الآية، قال: الكاف زائدة لأن الله تعالى لا مثل له، فلو قال مؤكدة، أو قال صلة لتقوية النفي لكان أبلغ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015