وكذلك أخبر بأنه المستحق للحمد، وبأنه يُثنى عليه بالحمد في قوله تعالى: (وقيل الحمد لله رب العالمين) (الزمر:75) ، (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (يونس:10) ، وغير ذلك، وكثرة ذكر الحمد دليل على أنه ذكرٌ يذكر به الله، ويمدح به، ويثنى عليه به، وأنه يحبه ويحب من يحمده، ويحب من يثني عليه ويثيبهم على ذلك، وأنه أهل للحمد وأهل للثناء.
أما تعريف الحمد في الاصطلاح: فذُكر له تعريفان:
التعريف الأول: إن الحمد فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعماً على الحامد وغيره، وهذا كأنه يختص بحمد المنعم يعني لا يحمد إلا بسبب كونه منعماً، وأن الحمد فعلٌ ينبئ عن تعظيمه.
ولا شك أنه مستحق للتعظيم، ولا شك أن الحمد تعظيم، ولكن الصحيح أن الله تعالى يحمد على كل حال، يحمد على الخير، ويحمد على الضرر، وذلك أنه إنما يسلط الضرر والشر أو البلاء لحِكَمٍ هو أعلم بها، فلأجل ذلك يحمد على الخير، ويحمد على الشر.
ولا يحمد على الشر سواه، وذلك أنه لا يبتلي بالشر كالمصائب والآفات والفقر والأذى والأمراض ونحوها، إلا لحكم ومصالح، فلأجل ذلك تحمده إذا أصابك مرض وألم، وإن أصابك فقر أو أذى فإنك تحمده على ذلك، وإن أصابك سجن أو جلدٌ أو أذى من خلق يسلطهم الله عليك فإنك تحمد الله على ذلك.
وإن كان ذلك لا يستدعي الفرح بذلك، ولا الرضا به، وبكل حال فهذا يبين أن في هذا التعريف شيء من الخلل وهو قولهم: إنه فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعماً على الحامد، وغيره، فالله تعالى يعظَّم لكونه منعماً، ولكونه مبتلياً.
التعريف الثاني للحمد: أن الحمد ذكر محاسن المحمود مع حبه وتعظيمه وإجلاله.