أولاً: ابتدأ كغيره بالبسملة اقتداء بالكتاب العزيز، حيث بدأ بالبسملة، وبدأ بالحمد لله وعملاً بالحديث المشهور: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله) ، وفي رواية: (بالحمد لله) (فهو أبتر) ، أو (أقطع) ، أو (أجذم) ، والمعنى أنه ناقص البركة.
يذكر المؤلفون هذا الحديث في مقدمات شروحهم كما ذكره البهوتي في مقدمة شرحه على زاد المستقنع، وشرحه على الإقناع، وشرحه على المنتهى، وغيره. ثم بعد ذلك ابتدأ بالحمد لله.
والحمد في اللغة: الثناء على الإنسان، كالثناء عليه بخصاله الحميدة، وبعقله، وبديانته، وبأمانته، وبكرمه، وبجوده، وبحلمه، وبصفحه، وبصدقه، يعني بالخصال التي يحمد عليها، التي يبالغ في الثناء عليه لأجلها، فهذا الثناء يسمى حمداً.
فإذا أثنى عليه بأشياء لا صنع له فيها كما لو أثنى عليه بأنه جميل، أو طويل، أو قصير، أو لجمال صورته، وطول قامته، وفصاحته، وذكائه ونحو ذلك، فهذا الثناء يسمى مدحاً.
والفرق بين المدح والحمد:
الحمد: الثناء بالصفات التي تخلق بها، كالصدق، والأمانة، والعلم، والحلم، وما أشبهها.
وأما المدح: فهو الثناء عليه بالصفات التي جبل عليها، ولا صنع له فيها كالجمال، والطول، والخلقة، وما أشبه ذلك.
فالله تعالى يثنى عليه بكل الصفات، فيثنى عليه بصفات الكمال، وبصفات الجمال، وبصفات الأفعال. فيستحق أن يثنى عليه بكل الصفات، فهو أهل للحمد، وهو المستحق له، ولأجل ذلك حمد نفسه في كثير من السور كالفاتحة، وسورة الأنعام، وسورة الكهف، وسورة سبأ، وسورة فاطر، ابتدأها الله بالحمد لله رب العالمين.