ولا شك أن الذين يفْرطون في ذلك أيضاً يقصرون. وذلك أن هناك من لا يأتون بالتكبير كما ينبغي فيأتي أحدهم بالكلمة دون أن يحقق حروفها، وكذلك في القراءة، دون أن يحقق حروفها وتشديدها. أما الدين الوسط فهو التوسط في القراءة والتكبير وفي التشهد، وفي سائر أركان الصلاة، لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا تقصير. وهو أن تأتي بالقراءة بحروف بارزة ظاهرة يقرؤها اللسان دون تكلف في التشديد، ودون تكلف في المدّ، ودون تقعر وتشدق في تكلف الفصاحة، ودون تساهل في إتمام كثير من الحروف البارزة أو عجلة أو سرعة يختفي معها كثير من الحروف التي حقها الإبراز. بل لا إفراط ولا تفريط. فإذا قرأها قراءة مفهومة مسموعة حروفها ظاهرُ شَدُّها ومَدُّها على ما ينبغي كان ذلك متوسطا لا إلى الجفاء ولا إلى الغلو الذي قد يمل من العبادة ويوقع في تغيير الكلم وتحريفه عن وضعه.