ومما أوقع الشيطان فيه كثيرا من الناس الغلو في القراءة في الصلاة. وأوقع أخرين في الجفاء، فأفرط في القراءة ناس، وفرط في ذلك أناس أخرون. وكذلك في الأذكار وغيرها. فهناك أنا وسوس لهم الشيطان بأنكم لا تحققون القراءة والحروف إلا إذا نطقتم بها على هذا الكيفية، فإذا لم تفعلوا فقد اختلت قراءتكم واختلت أذكاركم وما إلى ذلك. فقد ذكروا أن بعضا منهم يتكلف في النطق بالقراءة حتى إذا أراد أن ينطق بالضاد ونحوها أخرج بصاقه من شدة تكلفه وتشدده، عندما يقول: ولا الضالين، أو المغضوب، يكلف نفسه حتى يخرج لعابه وبصاقه من شدة تكلفه. ولا شك أن هذا ما أنزل الله به من سلطان. وهكذا أيضاً تكلفهم في النطق بالتكبير ونحو ذلك. حتى ربما يخرج الكلمة عن وضعها وما وضعت عليه، فيكرر الكاف ويشددها. فيقول: (الله أكبّر) ، وما أشبه ذلك. وعند قراءة التشهد والتحيات يشدد التاء فيقول: الت الت التحيات، أو نحو ذلك، حتى تخرج الكلمة من وضعها وماهيتها التي وضعت عليها. ولا شك أن هذا تغيير الكلام عن وضعه وعن ماهيته وعما هو عليه.