ولكن الحج يجب بشروط، ذكرها العلماء في كتبهم، فمن أراد معرفتها فإنه يُرْجَعُ إليها في مواضعها.
أما من ترك الحج وهو قادر عليه ومستطيع لأدائه واكتملت فيه الشروط، فإنه على خطر عظيم، لما ورد من الوعيد الشديد على تركه. وقبل الحديث عن الوعيد في تركه، نذكر ما ورد في الحث على المبادرة إلى الحج.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على المبادرة إلى الحج، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالحج والعمرة فإن الراحلة قد تضل والنفقة قد تذهب والرجل قد يمرض". أو كما قال عليه الصلاة والسلام، انظر شرح الزركشي على مختصر الخرقي: (3/42) والتعليق عليه.
ففي هذا الحديث حث منه عليه الصلاة والسلام المبادرة إلى أداء هذا الركن العظيم، والمبادرة معناها: الإسراع، وهذا من أدلة وجوب الحج على الفور.
كما أن أوامر الله تعالى يجب الإسراع بها، لما علل به في الحديث السابق من خوف العوائق والعوراض التي تعرض للإنسان، فإنه لا يدري متى تعرض له.
فعلى المسلم أن يبادر بأداء الأوامر والطاعات وهو في حال صحته واستطاعته قبل أن يندم، ولات حين مندم.
ثم إن الله تعالى إنما أوجبه مرة في العمر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال: لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم، الحج مرة، فما زاد فهو تطوع".
فمن حكمة الله ومن رحمته بعباده أنه ما أوجب الحج إلا مرة واحدة في العمر على الفور، لمن استطاعه، ولا يتم الدين إلا به وما زاد فهو تطوع.
ونعود للحديث عن الوعيد المترتب على من تركه، فقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "لقد هممت أن أبعث إلى بعض البلاد، فمن وجدوه قادراً على الحج فلم يحج أن أضع عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين" أو كما في الأثر.