مَعَهَا الِاحْتِمَالُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُمْ يَدٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا، وَنَحْنُ يَجِبُ عَلَيْنَا خَلَاصُ ذِمَّتِنَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى
وَمِمَّا يَقَعُ الْبَحْثُ فِيهِ أَنَّ إبْقَاءَ الْكَنَائِسِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَمِلُ هَذِهِ الْكَنَائِسَ الْمَوْجُودَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِإِبْقَائِهَا فَيَمْتَنِعُ نَقْضُهُ وَإِذَا شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِنَادُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُكْمِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي احْتِمَالِ الصُّلْحِ وَالشَّرْطِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: الصُّلْحِ وَالشَّرْطِ وَالْحُكْمِ مُحْتَمَلَةٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ وَقَعَ حُكْمٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ فِعْلَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ أَوْ لَا وَتَبْقِيَةُ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ لِهَذِهِ الْكَنَائِسِ وَهُمْ حُكَّامٌ قَدْ يُقَالُ إنَّهَا فِعْلُ حُكَّامٍ فَهِيَ حُكْمٌ مِنْهُمْ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ فِعْلُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ فَيَمْتَنِعُ تَغْيِيرُهُ.
وَمِمَّا يَقَعُ الْبَحْثُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ وُجُودَ الْكَنَائِسِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إبْقَائِهَا لَا عَلَى وُجُوبِهِ فَيَكْفِي فِي الْأَدِلَّةِ مَعَ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ أَنَّ بَقَاءَهَا لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ وَأَنَّهُ جَائِزٌ فَإِذَا رَأَى إمَامٌ ذَلِكَ وَأَنَّ
مَصْلَحَةَ
الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْوَقْتِ إزَالَتُهَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَمْتَنِعُ فَهَلْ نَقُولُ بِذَلِكَ أَوْ نَقُولُ بَقَاؤُهَا الْمَوْجُودُ يُثْبِتُ لَهُمْ حَقَّ الْإِبْقَاءِ كَمَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ نَجْهَلُ يَجِبُ تَبْقِيَتُهُ وَعَدَمُ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ. هَذِهِ مَبَاحِثُ كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ وَنَحْنُ وَإِنْ تَوَقَّفْنَا لِذَلِكَ عَنْ الْحُكْمِ بِهَدْمِهَا لَا نُنْكِرُ عَلَى مَنْ هَدَمَهَا لِمَا قُلْنَا وَلَا عَلَى مَنْ يُفْتِي أَوْ يَحْكُمُ بِهَدْمِهَا.
وَلَيْسَ عِنْدَنَا إلَّا مُجَرَّدُ الْوَقْفِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَوْ نَحْوَهُ كَانَ سَبَبَ تَوَقُّفِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنْ مُوَافَقَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَنْعٌ وَلَا إذْنٌ، وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَدِيدَ الْوَرَعِ وَيَحْمِلُهُ وَرَعُهُ عَلَى تَوَقُّفٍ كَثِيرٍ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُحْتَمَلَةِ فِي الْعِلْمِ، وَمِمَّا نَقُولُهُ أَيْضًا: إنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهَدْمِ الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ وَالْجَدِيدَةِ إذَا صَحَّتْ عَنْهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِي هَذِهِ الْكَنَائِسِ الْمَوْجُودَةِ فِي مِصْرَ وَالشَّامِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا كَانَا تَحْتَ وِلَايَتِهِ وَتَفَرُّدِ أَمْرِهِ وَيَشْمَلُهَا قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ حَالِهَا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي زَمَانِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي زَمَانِهِ فَتُهْدَمُ قَطْعًا، وَاَللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَعْلَمُ.
وَمِمَّا يَقَعُ الْبَحْثُ فِيهِ أَنَّ مَوَاضِعَ هَذِهِ الْبِلَادِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْمُسْلِمُونَ كَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ حَدَثَا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَمْرِهِ وَبَغْدَادُ بَنَاهَا أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ وَثَلَاثَتُهَا مِنْ